قال الإمام النووي-رحمه الله-في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج"(1/153) ، تعليقاً على قول الإمام مسلم -رحمه الله- في مقدمة "صحيحه":( إِنَّ حَمْزَةَ الزَّيَّاتَ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَنَامِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَا سَمِعَهُ مِنْ أَبَانٍ فَمَا عَرَفَ مِنْهُ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا ):
"قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هَذَا وَمِثْلُهُ اسْتِئْنَاسٌ وَاسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ ضَعْفِ أَبَانٍ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَمْرِ الْمَنَامِ ، وَلَا أَنَّهُ تَبْطُلُ بِسَبَبِهِ سُنَّةٌ ثَبَتَتْ، وَلَا تَثْبُتُ بِهِ سُنَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ ، وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ ، هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
وَكَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَغَيْرُهُمْ فَنَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ: لَا يُغَيَّرُ بِسَبَبِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ .
وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي " .
فَإِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ وَتَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِهِ ؛ لِأَنَّ حَالَةَ النَّوْمِ لَيْسَتْ حَالَةَ ضَبْطٍ وَتَحْقِيقٍ لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي ،
وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ: أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا لَا مُغَفَّلًا، وَلَا سَيِّئَ الْحِفْظِ ، وَلَا كَثِيرَ الْخَطَأِ ، وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ ،
وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ؛ فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ ،
هَذَا كُلُّهُ فِي مَنَامٍ يَتَعَلَّقُ بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ عَلَى خِلَافِ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْوُلَاةُ ،
أَمَّا إِذَا رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ ، أَوْ يُرْشِدُهُ إِلَى فِعْلِ مَصْلَحَةٍ؛ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ بَلْ بما تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ "انتهى.
"قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هَذَا وَمِثْلُهُ اسْتِئْنَاسٌ وَاسْتِظْهَارٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ ضَعْفِ أَبَانٍ لَا أَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَمْرِ الْمَنَامِ ، وَلَا أَنَّهُ تَبْطُلُ بِسَبَبِهِ سُنَّةٌ ثَبَتَتْ، وَلَا تَثْبُتُ بِهِ سُنَّةٌ لَمْ تَثْبُتْ ، وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ ، هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .
وَكَذَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَغَيْرُهُمْ فَنَقَلُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ: لَا يُغَيَّرُ بِسَبَبِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرْعِ .
وَلَيْسَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي " .
فَإِنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ رُؤْيَتَهُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ أَضْغَاثِ الْأَحْلَامِ وَتَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ إِثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِهِ ؛ لِأَنَّ حَالَةَ النَّوْمِ لَيْسَتْ حَالَةَ ضَبْطٍ وَتَحْقِيقٍ لِمَا يَسْمَعُهُ الرَّائِي ،
وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ: أَنْ يَكُونَ مُتَيَقِّظًا لَا مُغَفَّلًا، وَلَا سَيِّئَ الْحِفْظِ ، وَلَا كَثِيرَ الْخَطَأِ ، وَلَا مُخْتَلَّ الضَّبْطِ ،
وَالنَّائِمُ لَيْسَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ؛ فَلَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِاخْتِلَالِ ضَبْطِهِ ،
هَذَا كُلُّهُ فِي مَنَامٍ يَتَعَلَّقُ بِإِثْبَاتِ حُكْمٍ عَلَى خِلَافِ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْوُلَاةُ ،
أَمَّا إِذَا رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُهُ بِفِعْلِ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ ، أَوْ يُرْشِدُهُ إِلَى فِعْلِ مَصْلَحَةٍ؛ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْعَمَلِ عَلَى وَفْقِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ حُكْمًا بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ بَلْ بما تَقَرَّرَ مِنْ أَصْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ "انتهى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق