الخميس، 31 مايو 2012

هكذا فليكن التحقيق والبحث العلمي الحديثي...-رحمك الله- محدث العصر

قال الامام الألباني-رحمه الله- في "الضعيفة" تحت الحديث رقم 6501 ونصه:( إنَّ غلاماً كان في بني إسرائيل على جبلٍ، فقال لأمه: من خلق السماء؟ قالت: الله عزوجل، قال: فمن خلق الأرض؟ قالت: الله عزوجل، قال: فمن خلق الجبال؟ قالت: الله عزوجل. )قال: فمن خلق الغيم؟ قالت: الله عزوجل. قال: إني لأسمع لله شأناً. ثم رمى بنفسه من الجبل، فتقطع ):

" منكر جداً
أورده الغزالي في ( كتاب آداب السماع والوجد ) من "الإحياء" ( 2/281 )، جازماً بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً:
"فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر غلاماً كان في بني إسرائيل ... " إلخ.
فقال الحافظ العراقي في تخريجه:
"رواه ابن حبان". ولم يزدْ، وكذلك نقله عنه العلامة الزبيدي في شرحه على "الإحياء"، لم يذكر عن حال إسناده شيئاً، فأوردته هنا لنكارته الظاهرة، ولعلي أقف على إسناده، فما حصلته.
ومن المصطلح عليه عند العلماء، أن إطلاق العزو لابن حبان إنما يعني: أنه في "صحيح ابن حبان" . ولا أظن أنه فيه، وذلك، لأنه على شرط الهيثمي في "موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان"، وليس فيه! فأنا بفضل الله تعالى من أعرف الناس بأحاديثه، فقد كنت وضعت له - منذ سنتين - فهرساً لأطرافه، بإعانة بعض الأخوة، ثم جعلته قسمين: "صحيح الموارد" و "ضعيف الماورد" ، كما كنت جريت عليه في "السنن الأربعة" وغيرها وهما الآن تحت الطبع (*) وقبل بضعة أشهر نُشر "صحيح الأدب المفرد" للبخاري و "ضعيف الأدب المفرد" له.
ولعلمي بأن الهيثمي قد فاته أحاديث كثيرة - هي على شرطه - لم يذكرها في "موارده" ، واستدركت عليه في القسمين عشرات الأحاديث، ولذك فقد افترضت أنه من المحتمل أن يكون هذا الحديث من تلك الأحاديث التي فاتته، فبحثت عنه في مظانه من أصل "الموارد"، ألا وهو "صحيح ابن حبان"، بواسطة ترتيبه المسمى بـ "الإحسان"، واستعنت على ذلك بفهارس طبعة المؤسسة منه، فلم أظفر به.
ثم افترضت أن الإطلاق المذكور غير مقصود من الحافظ العراقي فقلت: لعله يعني "ثقات ابن حبان"، فراجعت فهرس أحاديثه من وضع "حسين إبراهيم زهران"، فلم أظفر به.
ثم استمررت في البحث، فتتبعت أحاديث كتابه "المجروحون" حديثاً [حديثاً] دون جدوى. ثم قلبت صفحات كتابه "روضة العقلاء" صفحة صفحة عبثاً.
ثم قلت: لعل الصواب: ( ابن حيان ) .. بالمثناة التحتية، وهو: أبو الشيخ صاحب كتاب "العظمة" ، ومع أن هذا احتمال بعيد، لكن الأمر كما قيل: الغريق يتعلق ولو بخيوط القمر، فمررت بأحاديثه حديثاً [حديتاً]، فرجعت بخُفَّي حُنين!
فمن كان عنده علمٌ، فليتفضل به علينا، وجزاه الله خيراً " انتهي


(*) وقد صدرا بعد وفاة الشيخ - رحمه الله - بشهور ( الناشر )

الاثنين، 28 مايو 2012

كلمة الشيخ سعد الحصين في دورة ( تبو) نصح وبيان

كلمة الشيخ سعد الحصين في دورة ( تبو)

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي اله وصحبه ,
اما بعد فقد وفقنا الله لاقامة دورة علمية بقرية تبو بالولاية الشمالية محلية دنقلا درسنا فيها القواعد الاربع والاصول الستة ونواقض الاسلام وشروط الصلاة اربعتهم للامام المجدد محمد بن عبد الوهاب ولمعة الاعتقاد لابن قدامة ووجه الشيخ كلمة في هذه الدورة عبر الهاتف وقد فرغها اخونا عبد القادر بن محمد فوزي جزاه الله خيرا وهذا نصها وتسجيلها :

بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه اجمعين هذه كلمة توجيهية من معالي الشيخ الفاضل سعد بن عبد الرحمن الحصين لإخوانه وأبنائه طلبة العلم في الدورة العلمية المقامة بتبو في الولاية الشمالية – السودان في غرة رجب لعام 1433 الموافق 21-5-2012 :
 " السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة جميعا ، وغفر الله لنا ولكم ولوالديكم ولكل عزيز عليكم بطاعة الله ، ويسرني ان اشارك إخواني في طلب العلم الشرعي والدعوة الي الله علي ماكان عليه النبي صلي الله عليه وسلم وهذا امر لابد منه في الدين ولايقوم الدين ولاتقوم الدعوة اليه  الا به ، وأن يكون الدين والتدين وأن تكون الدعوة الي الله علي ماكان عليه النبي صلي الله عليه وسلم ، أما المناهج المحدثة فهي للأسف أحدثت لأنها تخالف ماكان عليه النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه - رضي الله عنهم وارضاهم – وان المؤمن الصالح الثابت علي ماكان عليه النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه –رضوان الله عليهم- لايحتاج إلي منهج جديد ولايحتاج إلي حزب جديد ولا يحتاج إلي جماعة جديدة أو مختلفة ، إنما جماعة المسلمين واحدة ، فإذا ظهرت جماعة أخري فهي تكون خارجة عن جماعة المسلمين ، أنصح من يستطيع من إخواني إن يقرأ في ذلك تفصيلا كتبه الدكتور الشيخ بكر أبو زيد في خير كتبه بعنوان ( حكم الإنتماء إلى الجماعات والأحزاب والفرق الإسلامية ) وهو الحقيقة يقول أنها كلها فرق ويقول الأولى ان لا تسمى جماعات ولا أحزاب هي فرق لأنها خرجت عن  جماعة المسلمين العامة وخرجت عن الفرقة الناجية وخرجت عن حزب الله المؤمنين وإلا لما خرجت بهذا الإسم الجديد وهذا المنهج الجديد وهذا الأميراوالإمام الجديد الذي يخالف ماعليه بقية المسلمين .
     لكن أهم مافي الأمر كما ذكرت في البداية أن يكون كل ما نفعله وكل ما نقوله تطوعا لله  سبحانه وتعالي وطاعة له، أن يكون فيه اتباع للنبي صلى الله عليه وسلم واقتداء بسنة خلفاءه الراشدين وماكان عليه أصحابه – رضي الله عنهم وارضاهم جميعا – ويدل علي ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية " ما انا عليه وأصحابي " أما بقية الفرق بمن فيهم الأحزاب الموصوفة بالإسلامية فهي كما قال الشيخ ابن باز وكما قال الشيخ صالح الفوزان صراحة وكما قال الشيخ بكر أبو زيد بتعميمه هي خارجة عن الفرقه الناجية وهي إحدي الفرق التي قال النبي صلي الله عليه وسلم انها في النار وكذلك يدل على ذلك وفوق ذلك قول الله – سبحانه وتعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولي ونصله جهنم وساءت مصيرا } [ النساء ، ايه : 115]، وسبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة رضي الله عنهم  ، والإمام الشافعي – رحمه الله – استدل بهذا على ثبوت الاجماع – اذا اجمع الصحابة   رضي الله عنهم علي شي  وليس كل المسلمين عامتهم ولكن علماؤهم وأول وأعظم العلماء وأحرى بالاقتداء بهم هم الصحابة رضي الله عنهم ، فسبيل المؤمنين هو سبيل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
     ومايجب أن نركزعليه وننتبه له دائما في كل طلبنا للعلم وفي كل عملنا بهذا العلم وفي كل تبليغنا لهذا العلم – الدعوة إلى الله علي بصيرة – أن تكون على بصيرة ، أن تكون علي منهاج النبي صلى الله عليه وسلم على ما أرسل الله به رسوله صلى الله عليه و سلم ،بل ما أرسل الله به كل رسله فلم تتغير رسالات الأنبياء أبدا في انها كلها تبدأ وتركز وتستمر وتنتهي على الدعوة إلى إفراد الله  بالعبادة ، أعظم شئ أمر الله به هو إفراد الله بالعبادة واعظم شئ نهي الله عنه وأول شئ نهى الله سبحانه وتعالي وآخر شئ حذر منه النبي صلى الله عنه هو الشرك بالله في عبادته ، مايسمى اليوم المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة ،وكان يسمى من قبل منذ قوم نوح يسمي الاصنام والأوثان والأنصاب والدليل على ذلك قول ابن عباس- رضي الله عنه – فيما رواه عنه البخاري في صحيحه وفيما رواه عنه  ابن جرير في تفسيره – جزاهم الله  عنا وعن الاسلام خير الجزاء - ، كلاهما ذكرا أن قول الله – سبحانه وتعالي – في سورة نوح:{ وقالوا لا تذرن الهتكم و لا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث و يعوق ونسرا }(نوح, آية:23)  قال كل منهما : اولئك اسماء رجال صالحين لما ماتوا اوحي الشيطان الي من بعدهم ان ابنوا عليهم انصابا  ومع الأسف أن أكثر بلاد المسلمين بل كلها ، ماعدا جزء من جزيرة العرب لكنه اكثرها ولله الحمد وهو الذي تقوم عليه الدولة السعودية ودولتين أو  ثلاث من دول الخليج هي الوحيدة التي سلمت من هذه الأوثان بفضل الله ثم بفضل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومن ناصره من آل سعود في القرن الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشركلها  يجدد الله دينه بهذه الدولة ، فتهدم الأوثان الموجودة كانت في جزيرة العرب وبخاصة  في مكة والمدينة وماحولها وازالة البدع التي كانت موجودة ، ولله الحمد في هذه البقعة من جزيرة العرب منذ تقريبا من 280 سنة لم تبن أوثان إلا عندما جاء شياطين الدولة العثمانية لا أعادها الله على الإسلام ولا علي المسلمين فهدموا الدعوة إلى الله في جزيرة العرب و قتلوا و نفوا و سجنوا مئات من علمائها وأمرائها و لكن الله سبحانه وتعالي  بعثها ثلاث مرات  , مرة  في القرن الثاني عشر ثم  في القرن الثالث عشر ثم في القرن الرابع عشر وإلى الان بفضل الله سبحانه وتعالي  فهدمت الاوثان مرة ثانية وثالثة بفضل الله سبحانه وتعالي ولم تهدم قبل ذلك ، والدليل علي ذلك الظاهر  الان أن الوثن المسمى بالحسين في مصر بني منذ 900 سنة ومرت على مصر ولايات أولها ولاية الأيوبيين بقيادة صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله – ولكن مع ذلك للأسف لم ىكن هم أحد من هذه الولايات والولاة أن يهدم هذه الأوثان و أن يزيل هذه البدع . والان غالبا في أكثر بلاد المسلمين أوثان المسلمين  أكثر من أوثان اليهود والنصاري حتي في فلسطين ، أكثر الأوثان الموجودة في فلسطين الان مثلا أوثان من ينتمون إلى الإسلام والسنة اكثر من اوثان اليهود والنصاري ، وأقرب مثال لذلك مايسمى الحرم الإبراهيمي الشريف وهذا معبد أوثان لليهود وأخذه منهم الصليبيون فبنوا عليه مسجدا . ثم جاء المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي – رحمه الله وتجاوز عنا وعنه وعنكم جميعا – أخذوه من النصاري ، ومع الأسف بنوا فيه سبعة أوثان ،الأوثان التي كان بني عليها  النصاري وسبق اليها اليهود أربعة أوثان وهي قبور وليست مثل أوثان المسلمين مبنية فقط للتعبد  لا هي قبور قديمة يدعي اليهود والنصارى من بعدهم أنها قبور إبراهيم عليه السلام وزوجته وإسحق عليه السلام وزوجته وعليهم السلام والصلاة جميعا والبركة .
     والي الان مع الاسف هذا موجود عندما ذهبت إلى فلسطين قبل الاحتلال الأخير بسنتين وكان أحد السودانيين عنده ورع  -جزاه الله خير -  وكان يقول لن تبقي فلسطين في أيدي المسلمين لما رأى من الوثنية فضلا عما دونها من الفواحش والخمور والمعاصي ، لكن أسوؤها الأوثان ، ولكن مع الأسف حصل ماقاله بعد سنتين ، فالآن المطلوب منا الذين من الله علينا بإعطائنا المنهج السلفي أن نكون ملتزمين بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وان نكون ملتزمين بالدعوة على ماكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولايغرنا ترك أكثر الدعاة بل كل الجماعات والأحزاب الاسلاميه تركهم ذلك ، فالشيطان يبعدهم من ذلك ويشغلهم بما هو أقل منه ,
جزاكم الله خيرا على صبركم واحتسابكم وجزاكم الله خيرا علي اجتماعكم علي العلم الشرعي والرغبة فيما عند الله – سبحانه وتعالى – أسأل الله أن يبلغكم رضاه وأن يجعلكم دعاة إلى سبيله علي بصيرة على ماكان عليه النبي صلى الله وسلم وأصحابه  اللهم صل وسلم وبارك علي محمد وعلي ال محمد علي اصحابه ومتبعي سنته واجعلنا منهم جميعا برحمتك يا ارحم الراحمين ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نشرها:حسن بن حامد (أبو محمد السلفي)

الخميس، 24 مايو 2012

من روائع الخطب : طوبى لمن كان مفتاحا للخير مغلاقا للشر...للعلامة السعدي-رحمه الله-

الحمد لله الذي أمر بالتعاون على الخيرات , ونهى عن التفرق والاختلاف والمشاحنات , وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده , لا شريك له ,
فاطر الأرض والسموات , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , سيد الرسل وأكمل المخلوقات , اللهم صل على محمد , وعلى آله وأصحابه أولي الفضائل والكرمات ، وسلم تسليما . أما بعد:  أيها الناس ، اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ، وقوموا بالنصيحة بين عباد الله ؛فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .
 قال تعالى : { لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما } [ سورة النساء : الآية 114 ] وقال صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ إصلاح ذات البين . فإن فساد ذات البين هي الحالقة . لا أقول تحلق الشعر . ولكن تحلق الدين ) فرحم الله امرأ رأى بين اثنين عداوة فقام بتقريب بعضهم إلى بعض بالتأليف والإصلاح ؛
 ويا ويح من أغرى بين الناس فلقح العداوة  وغذاها بالتفريق بين المتصافيين وراح .
 أما علمتم أن من أصلح بين الناس أصلح الله باله ؟ 
ومن فرق بينهم فرق الله أمره وشتت أحواله ؟
 فطوبى لمن كان مفتاحا للخير مغلاقا للشر ، وويل لمن كان مفتاحا للشر مغلاقا للخير .
 أما سمعتم بأن النمام عليه العقوبة الشنيعة يوم البعث والنشور ؟ فإنه ينقل الكلام بين الناس فيحدث البغضاء ويوغر الصدور ؛ يجيئ النمام إلى قلوب متآلفة متفقة فيفرقها ،
 وإلى صداقات وصلات بين الناس فيمزقها ؛
 قد انسلخ من أعمال أهل الصلاح المصلحين ، ورضي لنفسه أن يكون من المفسدين .
 ألا وإن المصلحين بين عباد الله لهم الرتب السامية والمحل الأعلى ، وقد حازوا الشرف والأجور الكثيرة ورضى المولى ؛ يأتون إلى المتباعدين فيقربونهم ، وإلى الذين فرقتهم الأغراض الدنيئة فيؤلفون بين قلوبهم ويجمعونهم ؛
 فلله درهم ما أفضل أعمالهم ، وما أرفع مكانهم وأكمل أحوالهم ؛ فكم حصل بسعيهم المشكور من خيرات وبركات ،
 وكم اندفع بعملهم المبرور من شرور ومفاسد وآفات ؛
 وكم قمعوا من ضغائن وإحن ، 
وكم أخمدوا بإصلاحهم ولطفهم من شرور وفتن ؛ 
فيا فوزهم بمكارم الأخلاق ،
 ويا سعادتهم عند لقاء الملك الخلاق ؛ 
ويا فلاحهم إذا أكرموا بجنات النعيم ، 
ووقوا من عذاب الجحيم ،
 فتمت لهم حينئذ العيشة الراضية ، في جنة عالية ، قطوفها دانية ، وقيل لهم { كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية } [ سورة الحاقة : الآية 24 ] بارك الله لي ولكم .

 للاستزادة كتاب( مجموع خطب الشيخ في المواضيع النافعة)

                                                   من موقع الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي 
                                                                       -رحمه الله-

الأربعاء، 23 مايو 2012

من نفائس الفوائد : مجموع روايات قصة المسيح الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام وقتله إياه، في سياق واحد...

قصة
المسيح الدجال
ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام  وقتله إياه
على سياق رواية أبي أمامة -رضي الله عنه -، مضافا إليه ما صح عن غيره من الصحابة رضي الله عنهم
...
للامام الألباني-رحمه الله-
 
عن أبي أمامة الباهلي-رضي الله عنه- قال :
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه؛ فكان من قوله أن قال
:

" يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم - [ ولا تكون حتى تقوم الساعة ] - أعظم من فتنة الدجال [ ولن ينجو أحد مما قبلها إلا نجا منها ] [ وإنه لا يضر مسلما ] وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته [ الأعور ] الدجال [ إني لأنذركموه ]
وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة . [ إنه لحق وأما إنه قريب فكل ما هو آت قريب ] . [ إنما يخرج لغضبة يغضبها ] و [ لا يخرج حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة ] فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم . ( وفي حديث أم سلمة : وإن يخرج بعد أن أموت يكفيكموه الله بالصالحين ) وإنه يخرج [ من [ أرض ] قبل المشرق ] [ يقال لها : ( خراسان ) ] [ في يهودية أصبهان ] [ كأن وجوههم المجان المطرقة ] من خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا [ وعاث ] شمالا يا عباد الله فاثبتوا . [ ثلاثا ]
فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي . ( وفي حديث عبادة : إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا تعقلوا ) إنه يبدأ فيقول : أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فيقول : أنا ربكم . ولا ترون ربكم حتى تموتوا وإنه أعور [ ممسوح ] [ العين اليسرى ] [ عليها ظفرة غليظة ] [ خضراء كأنها كوكب دري ] [ عينه اليمنى كأنها عنبة طافية ] [ ليست بناتئة ولا حجراء ] [ جفال الشعر ] [ ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم ] إن ربكم ليس بأعور [ ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور ] [ ثلاثا ] [ وأشار بيده إلى عينيه ] [ وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا ] [ إنه يمشي في الأرض وإن الأرض والسماء لله ] [ إنه شاب قطط كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن ] [ قصير أفحج دعج ] [ هجان ] [ وإنه آدم جعد ] [ جفال الشعر ] وإنه مكتوب بين عينيه : كافر يقرؤه [ من كره عمله أو يقرؤه ] كل مؤمن كاتب أو غير كاتب - وإن من فتنته أن معه جنة ونارا [ ونهرا وماء ] [ وجبل خبز ] [ وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار ] فناره جنة وجنته نار [ وسأله المغيرة بن شعبة عنه ؟

فقال : قلت : إنهم يقولون : معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء ؟ 
قال : هو أهون على الله من ذلك ]
( وفي حديث آخر : [ معه نهران يجريان أحدهما - رأي العين - ماء أبيض والآخر - رأي العين - نار تأجج ] [ فمن أدرك ذلك منكم فأراد الماء فليشرب من الذي يراه أنه نار ] [ وليغمض [ عينيه ] ثم ليطأطئ[ رأسه ] فإنه يجده ماء [ باردا عذبا ] [ طيبا ] [ فلا تهللوا ] . وفي أخرى : فمن دخل نهره حط أجره ووجب وزره ومن دخل ناره وجب أجره وحط وزره ) فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ [ عليه ] فواتح سورة ( الكهف ) [ فإنها جواركم من فتنته ] وإن من فتنته أن يقول للأعرابي : أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك ؟ فيقول : نعم . فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان : يا بني اتبعه فإنه ربك وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها وينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين وإن من فتنته أن يمر بالحي [ فيدعوهم ] فيكذبونه [ فينصرفعنهم ] فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت وإن من فتنته أن يمر بالحي [ فيدعوهم ] فيصدقونه [ ويستجيبون له ] فيأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل [ يخرج في [ زمان اختلاف من الناس وفرقة ] ( و ) بغض من الناس وخفة من الدين وسوء ذات بين فيرد كل منهل فتطوى له الأرض طي فروة الكبش ] [ ولا يخرج حتى تنزل الروم بالأعماق أو بدابق [ يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام ] فيخرج إليهم جيش من المدينة من من خيار أهل الأرض يومئذ ؛

 فإذا تصافوا ، قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم .
 فيقول المسلمون : لا . والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا فيقاتلونهم [ وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام ] فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ويقتل ثلثهم - [ هم ] أفضل الشهداء عند الله - ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا [ فيجعل الله الدبرة عليهم ( أي الروم ) فيقتتلون مقتلة إما قال : لا يرى مثلها وإما قال : لم ير مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم ؟ ] فيبلغون قسطنطينية فيفتحونها ( وفي رواية : سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر ؟
قالوا : نعم يا رسول الله
قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحاق فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم قالوا : لا إله إلا الله والله أكبر . فيسقط أحد جوانبها الذي في البحر ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله والله أكبر . فيسقط جانبها الآخرثم يقولوا الثالثة : لا إله إلا الله والله أكبر . فيفرج لهم فيدخلوها فيغنموا ) فبينما هم يقتسمون الغنائم - قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح [ الدجال ] قد خلفكم في أهليكم . [ فيرفضون ما بأيديهم ] فيخرجون وذلك باطل [ فيبعثون عشرة فوارس طليعة .

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ ] فإذا جاؤوا الشام خرج ] وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا [ أربع مساجد : مسجد ] مكة و [ مسجد ] المدينة [ والطور ومسجد الأقصى ] وإن أيامه أربعون يوما يوما كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم
قالوا : فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟

قال : لا اقدروا له قدره
قالوا : وما إسراعه في الأرض ؟ قال : كالغيث استدبرته الريح ]
وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ثم يأمر السماء في الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر الله السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله
قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان ؟ قال : التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام لا يأتي مكة والمدينة من نقب من نقابها إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة
[ وإنه ليس من بلدة إلا يبلغها رعب المسيح [ الدجال ] إلا المدينة [ لها يومئذ سبعة أبواب ] على كل نقب من نقابها ملكان يذبان عنها رعب المسيح ] حتى ينزل عند السبخة [ سبخة الجرف ] [ دبر أحد ] [ فيضرب رواقه ]
فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص [ وأكثر من يخرج إليه النساء ] ؛
[ فيتوجه قبله رجل من المؤمنين [ ممتليء شبابا ] [ هو يومئذ خير الناس أو من خيرهم ] فتلقاه المسالح - مسالح الدجال - فيقولون له : أين تعمد ؟ فيقول : أعمد إلى هذا الذي خرج . قال : فيقولون له : أو ما تؤمن بربنا ؟ فيقول : ما بربنا خفاء . فيقولون : اقتلوه . فيقول بعضهم لبعض : أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه ؟
فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال : يا أيها الناس [ أشهد أن ] هذا الدجال الذي ذكر ( وفي طريق : الذي حدثنا ) رسول الله صلى الله عليه وسلم [ حديثه ] قال : فيأمر الدجال به فيشبح فيقول : خذوه وشبحوه . فيوسع ظهره وبطنه ضربا قال : فيقول : أو ما تؤمن بي ؟ قال : فيقول : أنت المسيح الكذاب [ فيقول الدجال : أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر ؟ فيقولون : لا ] . قال : فيؤمر به فيؤشر المئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه [ فيقتله ] ( وفي حديث النواس : فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ) . قال : ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له : قم . فيستوي قائما قال : [ ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه ويضحك ] ثم يقول له : أتؤمن بي ؟ فيقول : [ والله ] ما ازددت فيك إلا بصيرة . قال : ثم يقول : يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس . قال : فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا قال : فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به؛  فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة،

 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين ]
[ ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام ] [ ثم يأتي جبل إيليا فيحاصر عصابة من المسلمين ] [ فيلقى المؤمنون شدة شديدة ] [ ويفر الناس من الدجال في الجبال ]،

 فقالت أم شريك بنت أبي العكر : يا رسول الله فأين العرب يومئذ ؟ 
قال : هم يومئذ قليل ، وإمامهم رجل صالح [ وقال صلى الله عليه وسلم : المهدي منا آل البيت [ من أولاد فاطمة ] يصلحه الله في ليلة ] [ يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ] [ أجلى الجبهة أقنى الأنف ] [ يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ] [ يملك سبع سنين ]
وقال صلى الله عليه وسلم : ( عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار : عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسى ابن مريم عليه السلام )
وقال : ( من أدركه منكم فليقرئه مني السلام )[ فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم [ من السماء ] عيسى بن مريم الصبح ] [ عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه ] [ ليس بيني وبينه نبي ( يعني : عيسى ) وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام )-،

 وقال : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم ( وفي رواية : وأمكم ) منكم ؟ ) .
 قال : ابن أبي ذئب : تدري ما ( أمكم منكم ) ؟
 قلت : تخبرني ،
 قال : فأمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ) ]
فرجع ذلك الإمام ينكص - يمشي القهقرى - ليتقدم عيسى [ فيقول : تعال صل لنا ] . فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له : [ لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ] تقدم فصل . فيصلي بهم إمامهم ، [ ثم يأتي الدجال جبل ( إيلياء ) فيحاصر عصابة من المسلمين ] [ فيقول لهم الذين عليهم : ما تنتظرون بهذا الطاغية [ إلا ] أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله أو يفتح لكم فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا ] [ فبينما هم يعدون للقتال ويسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة ][ صلاة الصبح ]؛ [ فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم ]؛ [ فيؤم الناس فإذا رفع رأسه من ركعته قال : سمع الله لمن حمده قتل الله المسيح الدجال وظهر المسلمون ] .

 فإذا انصرف قال : افتحوا الباب ؛
 فيفتح وراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج [ فيطلبه عيسى عليه الصلاة والسلام ]،
[ فيذهب عيسى بحربته نحو الدجال ] فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء [ فلو تركه لانذاب حتى يهلك ولكن يقتله الله بيده فيريه دمه في حربته ] فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله [ فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق ] فيهزم الله اليهود [ ويسلط عليهم المسلمون ] [ ويقتلونهم ] فلافلا يبقى شيء مما خلق الله يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة - إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق - إلا قال يا عبد الله المسلم هذا يهودي [ ورائي ] فتعال فاقتله،

  [ ثم يلبث الناس بعده سنين سبعا ليس بين اثنين عداوة ] فيكون عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام في أمتي [ مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم على ملته ] حكما عدلا وإماما [ مهديا ] مقسطا [ فيقاتل الناس على الإسلام ف]يدق الصليب ويذبح الخنزير [ وتجمع له الصلاة ] ويضع الجزية ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير وترفع الشحناء والتباغض [ والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد ] [ حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها ] [ وتكون الدعوة واحدة لرب العالمين ] . - [ والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج ( الروحاء ) حاجا أو معتمرا أو ليثنينهما ]، ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة فبينما هو كذلك إذا أوحي الله إلى عيسى : إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرة ماء . [ ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر - وهو جبل الخمر - وهو جبل بيت المقدس - فيقولون : لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء . فيرمون بنشابهم إلى السماء فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما ]
ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله
ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ،
ثم يقال للأرض : أنبتي ثمرتك وردي بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر لكتفي القبيلة من الناس واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس ] ويكون الثور بكذا وكذا من المال وتكون الفرس بالدريهمات [ وقال صلى الله عليه وسلم : ( طوبى لعيش بعد المسيح طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر ويؤذن للأرض في النبات فلو بذرت حبك على الصفا لنبت ولا تشاح ولا تحاسد ولا تباغض ) ] ،
وتنزع حمة كل ذات حمة [ وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم ] حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره . وتفر الوليدة الأسد فلا يضرها ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها [ ثم يقال : تكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها بعهد آدم ] [ فيمكث عيسى عليه الصلاة والسلام في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون ] فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا [ باردة من قبل الشام ] فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ( وفي حديث ابن عمرو : لا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه ) ويبقى شرار الناس [ في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا قال : فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دارة أرزاقهم حسن عيشهم ] يتهارجون تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة ] [ ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا أول من يسمع رجل يلوط حوض إبله فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله - و قال : ينزل الله - مطرا كأنه الطل أو الظل - شك من الراوي - فتنبت منه أجساد الناس {
ثم نفخ فيه أخرى فإذا قيام هم ينظرون} ؟ [ الزمر : 68 ] ،
ثم يقال : يا أيها الناس هلم إلى ربكم {
وقفوهم إنهم مسؤولون} ؟ [ الصافات : 24 ] .
ثم يقال : أخرجوا بعث النار فيقال : من كم ؟
فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين . فذاك {
يوم يجعل الولدان شيبا} ؟ [ المزمل : 17 ] وذلك { يوم يكشف عن ساق} ؟ [ القلم : 42 ) ]
.




الثلاثاء، 22 مايو 2012

احذروا الدعاوى الكاذبة...ما أكثرها في هذا الزمان...

اخرج الامام مسلم في "صحيحه" {كتاب الايمان} عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : "  وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ  " . 

قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- في "فتح الباري"7/228:
"ويؤخذ من رواية مسلم {وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ، وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ }: تحريم الدعوى بشئ ليس هو للمدعى ؛ فيدخل فيه الدعاوى الباطلة كلها: مالا ، وعلما ، وتعلما ، ونسبا ، وحالا ، وصلاحا ، ونعمة ، وولاء، وغير ذلك، ويزداد التحريم بزيادة المفسدة المترتبة على ذلك "انتهي


واخرج ايضاعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ-رضي الله عنه- ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : "  وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا ، لَمْ يَزِدْهُ اللَّهُ إِلَّا قِلَّةً  "

قال الامام النووي -رحمه الله-في (شرح مسلم)1/485 عند شرحه:
" وأما قوله صلى الله عليه وسلم:" ومن ادعى دعوي كاذبة..." فقال القاضي عياض :
هو عام في كل دعوى يتشبع بها المرء بمالم يعطي ؛ من مال يختال في التجمل به من غيره ،أو نسب ينتمي اليه، أو علم يتحلى به وليس هو من حملته ، أو دين يظهره وليس هو من أهله ؛ فقد أعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه غير مبارك له في دعواه ولا زاك ما اكتسبه بها ومثله الحديث الآخر(اليمين الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب)" انتهي
ومن صورها في هذا الزمان:
التكثر ب(المتابعين) ،و(الزوار)،و(المعجبين)، والتكثر ب(الشهادات)،و(الالقاب العلمية)،...

الأحد، 20 مايو 2012

قصة : قاطع طريق...تاب...ومات شهيدا...!!!

جاء في تفسيرالحافظ ابن كثير-رحمه الله-(2/73)عند تفسير قوله تعالي:{ إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ( 33) إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم  34  } سورة المائدة :

"قال ابن جرير : حدثني علي حدثنا الوليد بن مسلم قال : قال الليث وكذلك حدثني موسى بن إسحاق المدني وهو الأمير عندنا : 
 أن عليا الأسدي حارب وأخاف السبيل وأصاب الدم والمال ، فطلبه الأئمة والعامة ، فامتنع ولم يقدر عليه ،
 حتى جاء تائبا ،
 وذلك أنه سمع رجلا يقرأ هذه الآية : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } [ الزمر : 53 ] ،
 فوقف عليه، فقال : يا عبد الله ، أعد قراءتها ؛
 فأعادها عليه ، فغمد سيفه ، ثم جاء تائبا .
 حتى قدم المدينة من السحر ، فاغتسل ، ثم أتى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الصبح ، ثم قعد إلى أبي هريرة في غمار أصحابه ،
 فلما أسفروا عرفه الناس ، فقاموا إليه ،
 فقال :  لا سبيل لكم علي جئت تائبا من قبل أن تقدروا علي . فقال أبو هريرة : صدق .
 وأخذ بيده أبو هريرة حتى أتى مروان بن الحكم - وهو أمير على المدينة في زمن معاوية - فقال : هذا علي جاء تائبا ، ولا سبيل لكم عليه ولا قتل .
 قال : فترك من ذلك كله ،
 قال : وخرج علي تائبا مجاهدا في سبيل الله في البحر ، فلقوا الروم فقربوا سفينته إلى سفينة من سفنهم ؛ فاقتحم على الروم في سفينتهم ، فهربوا منه إلى شقها الآخر ، فمالت به وبهم ، فغرقوا جميعا ".

من روائع القصص : قصة وصية الزبيربن العوام -رضي الله عنه- لأبنه..(فقه وفوائد)..

اخرج الامام البخاري-رحمه الله- في "صحيحه"{كِتَاب فَرْضِ الْخُمُسِ} : باب بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا مع النبي صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر.

عن هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه ، فقال : يا بني إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما، 
وإن من أكبر همي؛ لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا ، 
فقال : يا بني بع مالنا؛ فاقض ديني ، وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه يعني بني عبد الله بن الزبير ،
 يَقُولُ : ثُلُثُ الثُّلُثِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ ؛ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ ،
 قَالَ هِشَامٌ : وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ ،
 قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ ، وَيَقُولُ : يَا بُنَيِّ إِنْ عَجَزْتَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلَايَ ،
 قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ حَتَّى ،
 قُلْتُ : يَا أَبَتِ مَنْ مَوْلَاكَ ،
 قَالَ : اللَّهُ ،
 قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلَّا ، قُلْتُ : يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ ؛ فَيَقْضِيهِ ،
فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِلَّا أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ وَإِحْدَى عَشْرَةَ دَارًا بِالْمَدِينَةِ وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ وَدَارًا بِالْكُوفَةِ وَدَارًا بِمِصْرَ ،
 قَالَ : وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي عَلَيْهِ: أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ ، فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ ،
 فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ : لَا وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ ،
وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ ، وَلَا جِبَايَةَ خَرَاجٍ ، وَلَا شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَعَ أَبِي  بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، 
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ : فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ؛ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ ،
 قَالَ : فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ،
 فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي كَمْ عَلَى أَخِي مِنَ الدَّيْنِ؟
 فَكَتَمَهُ ، فَقَالَ : مِائَةُ أَلْفٍ ،
 فَقَالَ : حَكِيمٌ وَاللَّهِ مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ ، 
فَقَالَ لَهُ : عَبْدُ اللَّهِ : أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ ،
 قَالَ : مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا؛ فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي ،
 قَالَ : وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ؛ فَبَاعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ، 
ثُمَّ قَامَ  فَقَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ ،
 فَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفٍ ، فَقَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ : إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ ،
 قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَا ،
 قَالَ : فَإِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ أَخَّرْتُمْ ،
 فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَا ،
 قَالَ : قَالَ : فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً ،
 فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَى هَاهُنَا ،
 قَالَ : فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ فَأَوْفَاهُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ زَمْعَةَ ،
 فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : كَمْ قُوِّمَتْ الْغَابَةُ ،
 قَالَ : كُلُّ سَهْمٍ مِائَةَ أَلْفٍ ،
 قَالَ : كَمْ بَقِيَ ، 
قَالَ : أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ ، 
قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ ، 
قَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ : قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ ،
 وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ : قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ ، 
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : كَمْ بَقِيَ ،
 فَقَالَ : سَهْمٌ وَنِصْفٌ ،
 قَالَ : قَدْ أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ ،
 قَالَ : وَبَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ ، فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ ، قَالَ : بَنُو الزُّبَيْرِ اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا ،
 قَالَ : لَا وَاللَّهِ لَا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَلَا مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ ،
 قَالَ : فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ ،
 قَالَ : فَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَرَفَعَ الثُّلُثَ ، فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ ؛ فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ".

قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله- في(الفتح) عند شرحه وذكر مافيه من الفقه والفوائد:
" قوله ( وإن من أكبر همي لديني ) في رواية عثام " انظر يا بني ديني ، فإني لا أدع شيئا أهم إلي منه "...
قوله ( وكان بعض ولد عبد الله ) أي ابن الزبير ( قد وازى ) بالزاي أي ساوى ، وفيه استعمال وازى بالواو خلافا للجوهري فإنه قال: يقال آزى بالهمز، ولا يقال: وازى والمراد أنه ساواهم في السن . 
... المراد أنه إنما خص أولاد عبد الله دون غيرهم لأنهم كبروا وتأهلوا حتى ساووا أعمامهم في ذلك ، فجعل لهم نصيبا من المال ليتوفر على أبيهم حصته .
وقوله " تسعة بنين وتسع بنات " فأما أولاد عبد الله إذ ذاك فهم خبيب وعباد وقد ذكرا ، وهاشم ، وثابت ، وأما سائر ولده فولدوا بعد ذلك ، وأما أولاد الزبير فالتسعة الذكور هم عبد الله وعروة والمنذر أمهم أسماء بنت أبي بكر ، وعمر ، وخالد أمهما أم خالد بنت خالد بن سعيد ، ومصعبوحمزة أمهما الرباب بنت أنيف ، وعبيدة ، وجعفر أمهما زينب بنت بشر ، وسائر ولد الزبير غير هؤلاء ماتوا قبله والتسع الإناث هن خديجة الكبرى وأم الحسن وعائشة أمهن أسماء بنت أبي بكر ، وحبيبة وسودة ، وهند أمهن أم خالد ، ورملة أمها الرباب ، وحفصة أمها زينب ، وزينب أمها أم كلثوم بنت عقبة .
قوله ( إلا أرضين منها الغابة ) كذا فيه ، وصوابه " منهما " بالتثنية . والغابة بالغين المعجمة والموحدة الخفيفة أرض عظيمة شهيرة من عوالي المدينة .
قوله ( لا ولكنه سلف ) أي ما كان يقبض من أحد وديعة إلا إن رضي صاحبها أن يجعلها في ذمته ، وكان غرضه بذلك أنه كان يخشى على المال أن يضيع فيظن به التقصير في حفظه فرأى أن يجعله مضمونا فيكون أوثق لصاحب المال وأبقى لمروءته . زاد ابن بطال : وليطيب له ربح ذلك المال .
 قلت : وروى الزبير بن بكار من طريق هشام بن عروة أن كلا من عثمان وعبد الرحمن بن عوف ومطيع بن الأسود وأبي العاص بن الربيع وعبد الله بن مسعود ، والمقداد بن عمرو أوصى إلى الزبير بن العوام .
قوله ( وما ولي إمارة قط إلخ ) أي: أن كثرة ماله ما حصلت من هذه الجهات المقتضية لظن السوء بأصحابها ؛ بل كان كسبه من الغنيمة ونحوها .
      قوله ( فلقي حكيم بن حزام ) بالرفع على الفاعلية ، وعبد الله بالنصب على المفعولية . قال ابن بطال : إنما قال له مائة ألف وكتم الباقي لئلا يستعظم حكيم ما استدان به الزبير فيظن به عدم الحزم وبعبد الله عدم الوفاء بذلك فينظر إليه بعين الاحتياج إليه ، فلما استعظم حكيم أمر مائة ألف احتاج عبد الله أن يذكر له الجميع ويعرفه أنه قادر على وفائه ، وكان حكيم بن حزام ابن عم الزبير بن العوام قال ابن بطال : ليس في قوله مائة ألف وكتمانه الزائد كذب ، لأنه أخبر ببعض ما عليه وهو صادق قلت : لكن من يعتبر مفهوم العدد يراه إخبارا بغير الواقع ، ولهذا قال ابن التينفي قوله : فإن عجزتم عن شيء فاستعينوا بي " مع قوله في الأول : ما أراكم تطيقون هذا " بعض التجوز ، وكذا في كتمان عبد الله بن الزبير ما كان على أبيه ،
 وقد روى يعقوب بن سفيان من طريق عبد الله بن المبارك أن حكيم بن حزام بذل لعبد الله بن الزبير مائة ألف إعانة له على وفاء دين أبيه فامتنع ، فبذل له مائتي ألف فامتنع إلى أربعمائة ألف ثم قال : لم أرد منك هذا ، ولكن تنطلق معي إلى عبد الله بن جعفر . فانطلق معه وبعبد الله بن عمر يستشفع بهم عليه ، فلما دخلوا عليه ، قال : أجئت بهؤلاء تستشفع بهم علي هي لك .
 قال : لا أريد ذلك .
 قال: فأعطني بها نعليك هاتين أو نحوها ،
 قال : لا أريد .
 قال: فهي عليك إلى يوم القيامة ،
قال : لا .
 قال : فحكمك .
 قال : أعطيك بها أرضا .
 فقال نعم .
 فأعطاه . قال: فرغب معاوية فيها فاشتراها منه بأكثر من ذلك.
 

قوله ( وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف فباعها عبد الله ) أي ابن الزبير ( بألف ألف وستمائة ألف ) كأنه قسمها ستة عشر سهما لأنه قال بعد ذلك لمعاوية إنها قومت كل سهم بمائة ألف .
قوله ( فأتاه عبد الله بن جعفر ) ) أي ابن أبي طالب .
قوله ( وقال عبد الله ) أي ابن الزبير 

قوله ( ورفع الثلث ) أي الموصى به .
قوله ( فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف ) هذا يقتضي أن الثمن كان أربعة آلاف ألف وثمانمائة ألف.

وفي هذا الحديث من الفوائد: ندب الوصية عند حضور أمر يخشى منه الفوت ، وأن  للوصي تأخير قسمة الميراث حتى توفى ديون الميت وتنفذ وصاياه إن كان له ثلث ، وأن له أن يستبرئ أمر الديون وأصحابها قبل القسمة ، وأن يؤخرها بحسب ما يؤدي إليه اجتهاده ، ولا يخفى أن ذلك يتوقف على إجازة الورثة وإلا فمن طلب القسمة بعد وفاء الدين الذي وقع العلم به وصمم عليها أجيب إليها ولم يتربص به انتظار شيء متوهم ، فإذا ثبت بعد ذلك شيء استعيد منه ،
 وفيه: جواز التربص بوفاء الدين إذا لم تكن التركة نقدا ولم يختر صاحب الدين إلا النقد ،
 وفيه : جواز الوصية للأحفاد إذا كان من يحجبهم من الآباء موجودا ،
 وفيه: أن الاستدانة لا تكره لمن كان قادرا على الوفاء ، 
وفيه: جواز شراء الوارث من التركة ، وأن الهبة لا تملك إلا بالقبض ، وأن ذلك لا يخرج المال عن ملك الأول لأن ابن جعفر عرض على ابن الزبير أن يحللهم من دينه الذي كان على الزبير فامتنع ابن الزبير . 
 وفيه: بيان جود ابن جعفر لسماحته بهذا المال العظيم ، وأن من عرض على شخص أن يهبه شيئا فامتنع أن الواهب لا يعد راجعا في هبته ، وأما امتناع ابن الزبير فهو محمول على أن بقية الورثة وافقوه على ذلك وعلم أن غير البالغين ينفذون له ذلك إذا بلغوا ، وأجاب ابن بطال بأن هذا ليس من الأمر المحكوم به عند التشاح ، وإنما يؤمر به في شرف النفوس ومحاسن الأخلاق اه  . 
والذي يظهر أن ابن الزبير تحمل بالدين كله على ذمته والتزم وفاءه ورضي الباقون بذلك كما تقدمت الإشارة إليه قريبا ، لأنهم لو لم يرضوا لم يفدهم ترك بعض أصحاب الدين دينه لنقص الموجود في تلك الحالة عن الوفاء لظهور قلته وعظم كثرة الدين ،
 وفيه: مبالغة الزبير في الإحسان لأصدقائه لأنه رضي أن يحفظ لهم ودائعهم في غيبتهم ، ويقوم بوصاياهم على أولادهم بعد موتهم ، ولم يكتف بذلك حتى احتاط لأموالهم وديعة أو وصية بأن كان يتوصل إلى تصييرها في ذمته مع عدم احتياجه إليها غالبا ، وإنما ينقلها من اليد للذمة مبالغة في حفظها لهم .
 وفي قول ابن بطال المتقدم كان يفعل ذلك " ليطيب له ربح ذلك المال " نظرا لأنه يتوقف على ثبوت أنه كان يتصرف فيه بالتجارة وأن كثرة ماله إنما زادت بالتجارة ، والذي يظهر خلاف ذلك ، لأنه لو كان كذلك لكان الذي خلفه حال موته يفي بالدين ويزيد عليه ، والواقع أنه كان دون الديون بكثير إلا أن الله تعالى بارك فيه بأن ألقى في قلب من أراد شراء العقار الذي خلفه الرغبة في شرائه حتى زاد على قيمته أضعافا مضاعفة ، ثم سرت تلك البركة إلى عبد الله بن جعفر لما ظهر منه في هذه القصة من مكارم الأخلاق حتى ربح في نصيبه من الأرض ما أربحه معاوية . 
 وفيه: أن لا كراهة في الاستكثار من الزوجات والخدم .
وفيه: بركة العقار والأرض لما فيه من النفع العاجل والآجل بغير كثير  تعب ولا دخول في مكروه كاللغو الواقع في البيع والشراء ،
 وفيه: إطلاق اللفظ المشترك لمن يظن به معرفة المراد ، والاستفهام لمن لم يتبين له ، لأن الزبير قال لابنه " استعن عليه مولاي " والمولى لفظ مشترك فجوز ابن الزبير أن يكون أراد بعض عتقائه مثلا فاستفهمه فعرف حينئذ مراده ،
 وفيه: منزلة الزبير عند نفسه ، وأنه في تلك الحالة كان في غاية الوثوق بالله والإقبال عليه والرضا بحكمه والاستعانة به ، ودل ذلك على أنه كان في نفسه محقا مصيبا في القتال ولذلك قال : إن أكبر همه دينه ، ولو كان يعتقد أنه غير مصيب أو أنه آثم باجتهاده ذلك لكان اهتمامه بما هو فيه من أمر القتال أشد ، ويحتمل أن يكون اعتمد على أن المجتهد يؤجر على اجتهاده ولو أخطأ . 
 وفيه: شدة أمر الدين ، لأن مثل الزبير مع ما سبق له من السوابق وثبت له من المناقب رهب من وجوه مطالبة من له في جهته حق بعد الموت .
 وفيه: استعمال التجوز في كثير من الكلام كما تقدم ، وقد وقع ذلك أيضا في قوله " أربع سنين في المواسم " لأنه إن عد موسم سنة ست وثلاثين فلم يؤخر ذلك إلا ثلاث سنين ونصفا ، وإن لم يعده فقد أخر ذلك أربع سنين ونصفا ، ففيه إلغاء الكسر أو جبره.
 وفيه: قوة نفس عبد الله بن الزبير لعدم قبوله ما سأله حكيم بن حزام من المعاونة ، وما سأله عبد الله بن جعفر من المحاللة "انتهي باختصار.     
 

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...