الثلاثاء، 10 أبريل 2012

الحديث الذي ختم به الامام البخاري -رحمه الله- "صحيحه"


قال الامام البخاري -رحمه الله- في {كتاب التوحيد} ، الذي هو آخر كتاب فيه ، في آخر باب منه:

 حدثني أحمد بن إشكاب حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم  " كلمتان، حبيبتان إلى الرحمن ، خفيفتان على اللسان ،

 ثقيلتان في الميزان ؛ 

سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم ".

 قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-في "الفتح" عند شرحه : "قوله: ( خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان ) وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب، وفي هذه الألفاظ الثلاثة سجع مستعذب وقد تقدم في الدعوات بيان الجائز منه والمنهي عنه، وكذا في الحدود في حديث " سجع كسجع الكهان "، والحاصل أن المنهي عنه ما كان متكلفا أو متضمنا لباطل ،لا ما جاء عفوا عن غير قصد إليه ،

 وقوله: " خفيفتان " فيه :إشارة إلى قلة كلامهما وأحرفهما ورشاقتهما ، 

قال الطيبي : الخفة مستعارة للسهولة وشبه سهولة جريانها على اللسان بما خف على الحامل من بعض الأمتعة ؛ فلا تتعبه كالشيء الثقيل ، وفيه :إشارة إلى أن سائر التكاليف صعبة شاقة على النفس ثقيلة ،وهذه سهلة عليها ،مع أنها تثقل الميزان كثقل الشاق من التكاليف ،

 وقد سئل بعض السلف عن سبب ثقل الحسنة وخفة السيئة ؟

 فقال : لأن الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها؛ فثقلت فلا يحملنك ثقلها على تركها ، والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها؛ فلذلك خفت فلا يحملنك خفتها على ارتكابها ."

وقال -رحمه الله-

"وقال شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني في كلامه على مناسبة أبواب صحيح البخاري الذي نقلته عنه في أواخر المقدمة : لما كان أصل العصمة أولا وآخرا هو توحيد الله فختم بكتاب التوحيد ، وكان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر ثقل الموازين وخفتها فجعله آخر تراجم الكتاب ، فبدأ بحديث " الأعمال بالنيات " وذلك في الدنيا ، وختم بأن الأعمال توزن يوم القيامة ، وأشار إلى أنه إنما يثقل منها ما كان بالنية الخالصة لله تعالى ، وفي الحديث الذي ذكره ترغيب وتخفيف وحث على الذكر المذكور لمحبة الرحمن له والخفة بالنسبة لما يتعلق بالعمل والثقل بالنسبة لإظهار الثواب ، وجاء ترتيب هذا الحديث على أسلوب عظيم وهو أن حب الرب سابق ،وذكر العبد وخفة الذكر على لسانه تال ، ثم بين ما فيهما من الثواب العظيم النافع يوم القيامة انتهى . ملخصا . 

وقال الكرماني : تقدم في أول " كتاب التوحيد " بيان ترتيب أبواب الكتاب وأن الختم بمباحث كلام الله ؛ لأنه مدار الوحي ، وبه تثبت الشرائع ولهذا افتتح ببدء الوحي والانتهاء إلى ما منه الابتداء، ونعم الختم بها ولكن ذكر هذا الباب ليس مقصودا بالذات بل هو لإرادة أن يكون آخر الكلام التسبيح والتحميد ، كما أنه ذكر حديث الأعمال بالنيات في أول الكتاب لإرادة بيان إخلاصه فيه كذا قال ، والذي يظهر أنه قصد ختم كتابه بما دل على وزن الأعمال ؛ لأنه آخر آثار التكليف فإنه ليس بعد الوزن إلا الاستقرار في أحد الدارين إلى أن يريد الله إخراج من قضى بتعذيبه من الموحدين فيخرجون من النار بالشفاعة كما تقدم بيانه ، 

قال الكرماني : وأشار أيضا إلى أنه وضع كتابه قسطاسا وميزانا يرجع إليه ، وأنه سهل على من يسره الله تعالى عليه ،وفيه: إشعار بما كان عليه المؤلف في حالتيه أولا وآخرا ، تقبل الله تعالى منه وجزاه أفضل الجزاء . 

قلت : وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم :الحث على إدامة هذا الذكر ، وقد تقدم في باب فضل التسبيح من وجه آخر عن أبي هريرة حديث آخر لفظه :" من قال " سبحان الله وبحمده " في يومه مائة مرة حطت خطاياه ، وإن كانت مثل زبد البحر" ، وإذا ثبت هذا في قول " سبحان الله وبحمده " وحدها فإذا انضمت إليها الكلمة الأخرى ؛ فالذي يظهر: أنها تفيد تحصيل الثواب الجزيل المناسب لها ، كما أن من قال الكلمة الأولى وليست له خطايا مثلا ؛ فإنه يحصل له من الثواب ما يوازن ذلك ،

 وفيه :إيراد الحكم المرغب في فعله بلفظ الخبر ؛ لأن المقصود من سياق هذا الحديث الأمر بملازمة الذكر المذكور ،

 وفيه: تقديم المبتدأ على الخبر كما مضى في قوله :" كلمتان

 وفيه من البديع : المقابلة والمناسبة والموازنة في السجع ؛ لأنه قال: "حبيبتان إلى الرحمن " ولم يقل للرحمن لموازنة قوله: " على اللسان " وعدى كلا من الثلاثة بما يليق به ، 

وفيه :إشارة امتثال قوله تعالى: {وسبح بحمد ربك} ، وقد أخبر الله تعالى عن الملائكة في عدة آيات أنهم يسبحون بحمد ربهم ، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي أي الكلام أحب إلى الله ،

 قال:" ما اصطفى الله لملائكته: سبحان ربي وبحمده سبحان ربي وبحمده "، وفي لفظ له:" أن أحب الكلام إلى الله سبحانه : سبحان الله وبحمده "."

انتهي 


هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم، أريد إبلاغ أي شخص يقرأ هذا ويرغب في الحصول على تمويل من شركة موثوقة، يرجى الاتصال بهذه الشركة وإبلاغها بالتفاصيل أدناه واتباع كل ما يُطلب منك القيام به وستحصل على التمويل الخاص بك لأنه لقد حصلت على قرضي منهم ولهذا السبب أفعل ذلك أيضًا لمساعدة أي شخص في حاجة ماسة إلى التمويل. اتصل بهم عبر البريد الإلكتروني (contact@sunshinefinser.com) أو WhatsApp: +919233561861

    فاطمة.

    ردحذف

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...