السبت، 31 أغسطس 2013

من روائع المقالات: وسطية أهل الإسلام بين أهل الفرق والأديان: تفصيل وبيان ...لشيخ الإسلام -رحمه الله-

"قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-في مقدمة كتابه العجاب "الجواب الصحيح.."(1/1/6-8):
"وقد خص الله تبارك وتعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بخصائص ميزه بها على جميع الأنبياء والمرسلين، وجعل له شرعة ومنهاجا، أفضل شرعة وأكمل منهاج.
كما جعل أمته خير أمة أخرجت للناس، فهم يوفون سبعين أمة هم خيرها وأكرمها على الله من جميع الأجناس، هداهم الله بكتابه ورسوله لما اختلفوا فيه من الحق قبلهم، وجعلهم وسطا عدلا خيارا، فهم وسط في توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي الإيمان برسله، وكتبه، وشرائع دينه من الأمر، والنهي، والحلال، والحرام.
فأمرهم بالمعروف، ونهاهم عن المنكر، وأحل لهم الطيبات، وحرم عليهم الخبائث، لم يحرم عليهم شيئا من الطيبات كما حرم على اليهود، ولم يحل لهم شيئا من الخبائث كما استحلتها النصارى، ولم يضيق عليهم باب الطهارة، والنجاسة كما ضيق على اليهود، ولم يرفع عنهم طهارة الحدث، والخبث كما رفعته النصارى، فلا يوجبون الطهارة من الجنابة ولا الوضوء للصلاة، ولا اجتناب النجاسة في الصلاة، بل يعد كثير من عبادهم مباشرة النجاسات من أنواع القرب والطاعات حتى يقال في فضائل الراهب: " له أربعون سنة ما مس الماء "، ولهذا تركوا الختان مع أنه شرع إبراهيم الخليل عليه السلام وأتباعه.
واليهود إذا حاضت عندهم المرأة، لا يؤاكلونها ولا يشاربونها، ولا يقعدون معها في بيت واحد؛ والنصارى لا يحرمون وطء الحائض.
وكان اليهود لا يرون إزالة النجاسة، بل إذا أصاب ثوب أحدهم قرضه بالمقراض، والنصارى ليس عندهم شيء نجس يحرم أكله أو تحرم الصلاة معه.
ولذلك المسلمون وسط في الشريعة؛ فلم يجحدوا شرعه الناسخ لأجل شرعه المنسوخ، كما فعلت اليهود، ولا غيروا شيئا من شرعه المحكم، ولا ابتدعوا شرعا لم يأذن به الله كما فعلت النصارى، ولا غلوا في الأنبياء والصالحين كغلو النصارى، ولا بخسوهم حقوقهم كفعل اليهود، ولا جعلوا الخالق سبحانه متصفا بخصائص المخلوق، ونقائصه، ومعايبه من الفقر، والبخل، والعجز، كفعل اليهود، ولا المخلوق متصفا بخصائص الخالق سبحانه التي ليس كمثله فيها شيء كفعل النصارى، ولم يستكبروا عن عبادته كفعل اليهود، ولا أشركوا بعبادته أحدا كفعل النصارى.
وأهل السنة والجماعة في الإسلام كأهل الإسلام في أهل الملل، فهم وسط في باب صفات الله عز وجل بين أهل الجحد والتعطيل، وبين أهل التشبيه والتمثيل، يصفون الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسله من غير تعطيل، ولا تمثيل إثباتا لصفات الكمال، وتنزيها له عن أن يكون له فيها أنداد، وأمثال، إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل. كما قال تعالى: ليس كمثله شيء ردا على الممثلة، وهو السميع البصير ردا على المعطلة.
وقال تعالى: {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد}.
فالصمد: السيد المستوجب لصفات الكمال، والأحد: الذي ليس له كفو، ولا مثال، وهم وسط في باب أفعال الله عز وجل بين المعتزلة المكذبين للقدر، والجبرية النافين لحكمة الله ورحمته وعدله، والمعارضين بالقدر أمر الله، ونهيه، وثوابه، وعقابه.
وفي باب الوعد والوعيد، بين الوعيدية الذين يقولون بتخليد عصاة المسلمين في النار، وبين المرجئة الذين يجحدون بعض الوعيد، وما فضل الله به الأبرار على الفجار.
وهم وسط في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين الغالي في بعضهم الذي يقول بإلهية، أو نبوة، أو عصمة، والجافي فيهم الذي يكفر بعضهم، أو يفسقه، وهم خيار هذه الأمة".
وقال -رحمه الله- في موضع آخر من كتابه الماتع النافع(الجواب الصحيح..)(2/52-55):
"وَمَنْ تَدَبَّرَ حَالَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَجَدَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مُتَقَابِلِينَ هَؤُلَاءِ فِي طَرَفِ ضَلَالٍ، وَهَؤُلَاءِ فِي طَرَفٍ يُقَابِلُهُ، وَالْمُسْلِمُونَ هُمُ الْوَسَطُ.
وَذَلِكَ فِي التَّوْحِيدِ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالشَّرَائِعِ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَخْلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
فَالْيَهُودُ يُشَبِّهُونَ الْخَالِقَ بِالْمَخْلُوقِ فِي صِفَاتِ النَّقْصِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمَخْلُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَنْهَا كَقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: إِنَّهُ فَقِيرٌ، وَإِنَّهُ بَخِيلٌ، وَإِنَّهُ تَعِبَ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، وَالنَّصَارَى يُشَبِّهُونَ الْمَخْلُوقَ بِالْخَالِقِ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْخَالِقِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ فِيهَا مِثْلٌ، كَقَوْلِهِمْ إِنَّ الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ، وَابْنُ اللَّهِ.
وَكُلٌّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ يَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ.
وَالنَّصَارَى أَيْضًا يَصِفُونَ اللَّاهُوتَ بِصِفَاتِ النَّقْصِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهَا، وَيَسُبُّونَ اللَّهَ سَبًّا مَا سَبَّهُ إِيَّاهُ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ، كَمَا كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ: لَا تَرْحَمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَبُّوا اللَّهَ سُبَّةً مَا سَبَّهُ إِيَّاهَا أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ.
وَالْيَهُودُ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَنْ يَنْسَخَ مَا شَرَعَهُ، كَمَا يَمْتَنِعُ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْقُدْرَةِ أَوْ يُنَافِي الْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ.
وَالنَّصَارَى يُجَوِّزُونَ لِأَكَابِرِهِمْ أَنْ يَنْسَخُوا شَرْعَ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ، فَيُحَلِّلُوا مَا حَرَّمَ، كَمَا حَلَّلُوا الْخِنْزِيرَ، وَغَيْرَهُ مِنَ الْخَبَائِثِ، بَلْ لَمْ يُحَرِّمُوا شَيْئًا، وَيُحَرِّمُونَ مَا حَلَّلَ، كَمَا يُحَرِّمُونَ فِي رَهْبَانِيَّتِهِمُ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا، وَحَرَّمُوا فِيهَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ، وَيُسْقِطُونَ مَا أَوْجَبَ كَمَا أَسْقَطُوا الْخِتَانَ وَغَيْرَهُ، وَأَسْقَطُوا أَنْوَاعَ الطَّهَارَةِ مِنَ الْغُسْلِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَيُوجِبُونَ مَا أَسْقَطَ، كَمَا أَوْجَبُوا مِنَ الْقَوَانِينِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَأَنْبِيَاؤُهُ.
وَالْمُسْلِمُونَ وَصَفُوا الرَّبَّ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنَزَّهُوهُ عَنِ النَّقْصِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ، فَوَصَفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ.
وَقَالُوا: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ}، فَكَمَا لَا يَخْلُقُ غَيْرُهُ لَا يَأْمُرُ غَيْرُهُ، بَلِ الدِّينُ كُلُّهُ لَهُ، هُوَ الْمَعْبُودُ الْمُطَاعُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ إِلَّا هُوَ، وَلَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ إِلَّا طَاعَتُهُ، وَهُوَ يَنْسَخُ مَا يَنْسَخُهُ مِنْ شَرْعِهِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْسَخَ شَرْعَهُ.
وَالْيَهُودُ بَالَغُوا فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ، وَتَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ، وَالنَّصَارَى اسْتَحَلُّوا الْخَبَائِثَ، وَمُلَابَسَةَ النَّجَاسَاتِ، وَالْمُسْلِمُونَ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ خِلَافًا لِلْيَهُودِ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ، خِلَافًا لِلنَّصَارَى.
وَالْيَهُودُ يُبَالِغُونَ فِي طَهَارَةِ أَبْدَانِهِمْ مَعَ خُبْثِ قُلُوبِهِمْ وَالنَّصَارَى يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُطَهِّرُونَ قُلُوبَهُمْ مَعَ نَجَاسَةِ أَبْدَانِهِمْ، وَالْمُسْلِمُونَ يُطَهِّرُونَ أَبْدَانَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ جَمِيعًا.
وَالنَّصَارَى لَهُمْ عِبَادَاتٌ وَأَخْلَاقٌ، بِلَا عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ وَلَا ذَكَاءٍ، وَالْيَهُودُ لَهُمْ ذَكَاءٌ وَعِلْمٌ وَمَعْرِفَةٌ بِلَا عِبَادَاتٍ وَلَا أَخْلَاقٍ حَسَنَةٍ.
وَالْمُسْلِمُونَ جَمَعُوا بَيْنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، بَيْنَ الزَّكَا وَالذَّكَاءِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، فَالْهُدَى يَتَضَمَّنُ الْعِلْمَ النَّافِعَ، وَدِينُ الْحَقِّ يَتَضَمَّنُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ، وَالظُّهُورُ يَكُونُ بِالْعِلْمِ وَاللِّسَانِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ حَقٌّ وَهُدًى، وَيَكُونُ بِالْيَدِ وَالسِّلَاحِ لِيَكُونَ مَنْصُورًا مُؤَيَّدًا، وَاللَّهُ أَظْهَرُهُ هَذَا الظُّهُورَ فَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ، وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ، كَالْيَهُودِ، وَلَا الضَّالِّينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ وَيَعْبُدُونَ وَيَزْهَدُونَ بِلَا عِلْمٍ كَالنَّصَارَى.
وَالْيَهُودُ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ، وَالَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ، وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ.
وَالْمُسْلِمُونَ اعْتَدَلُوا فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَآمَنُوا بِجَمِيعِ النَّبِيِّينَ، وَبِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ فَلَمْ يُكَذِّبُوا الْأَنْبِيَاءَ وَلَا سَبُّوهُمْ وَلَا غَلَوْا فِيهِمْ وَلَا عَبَدُوهُمْ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَا يَبْخَسُونَهُمْ حَقَّهُمْ وَلَا غَلَوْا فِيهِمْ.
وَالْيَهُودُ يَغْضَبُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَنْتَقِمُونَ، وَالنَّصَارَى لَا يَغْضَبُونَ لِرَبِّهِمْ وَلَا يَنْتَقِمُونَ.
وَالْمُسْلِمُونَ الْمُعْتَدِلُونَ الْمُتَّبِعُونَ لِنَبِيِّهِمْ يَغْضَبُونَ لِرَبِّهِمْ وَيَعْفُونَ عَنْ حُظُوظِهِمْ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – أَنَّهَا قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ خَادِمًا لَهُ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا شَيْئًا قَطُّ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَانْتَقَمَ لِنَفْسِهِ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِي: أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ: لِمَ لَمْ تَفْعَلْهُ؟ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِهِ إِذَا عَاتَبَنِي عَلَى شَيْءٍ يَقُولُ: " دَعُوهُ فَلَوْ قُضِيَ شَيْءٌ لَكَانَ ".
هَذَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ( أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ، فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحُدُودَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا).
وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُمْ أَنْفَعُ الْأُمَمِ لِلْخَلْقِ، فَقَالَ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}.
فَفِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي الْأُمَّتَيْنِ."انتهى

السبت، 24 أغسطس 2013

حكم عرض صور لبيان جراحات المسلمين!!!


بسم الله الرحمن الرحيم
سئل سماحة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله السؤال التالي:
"بعض المعارض التي تقام لبيان جراحات المسلمين في فلسطين وغيرها، يكون فيها بعض صور القتلى والجرحى، وأحيانًا تعرض عن طريق الفيديو، والقصدُ مِن ذلك حثّ المسلمين على التبرُّع لإخوانهم؛ فهل هذا العمل جائز؟"
فأجاب أحسن الله إليه:
"هذا العمل غير مناسب، لا يجوز إقامة الصور للجرحى، لكن يُدعى المسلمون للتصدّق على إخوانهم، ويُبَلَّغون بأنّ إخوانَهم مضايقون، وأنهم يجري عليهم ما يجري مِن فعل اليهود، بدون أنهم يَعرضون صورًا ويَعرضون جرحى؛ لأن هذا:
فيه استعمالاً للتصوير.
وأيضًا في هذا تكلّف ما أَمر اللهُ تعالى به. 
وفيه أيضًا تفتيتٌ لعضد المسلمين؛ لأنكَ لَمّا تَعرض أمام الناس صورةَ مسلمٍ ممثَّل به أو مقطَّع الأعضاء؛ فهذا مما يُرعب المسلمين، ويرهب المسلمين مِن فعل الأعداء، والواجب أن المسلمين لا يُظهرون الضعف، ولا يُظهرون الإصابات، ولا يظهرون هذه الأمور، بل يكتمونها حتى لا يفتّوا في عضد المسلمين". 
المصدر: "الإجابات المهمة في المشاكل الملمة" (2/ 105
)
من مدونة:

تَمَـامُ الْمِنَّة ل( سُكَينة بنت محمد ناصر الدين الألبانية )-حفظها الرحمن-ورحم أباها الإمام.



الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج من مصر عند اقتتال بعضهم بعضاً

أخرج الإمام مسلم رحمه الله في ( صحيحه ) :
226 - (2543) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي حَرْمَلَةُ، ح وحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ وَهُوَ ابْنُ عِمْرَانَ التُّجِيبِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أَرْضًا يُذْكَرُ فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَاخْرُجْ مِنْهَا» .
قَالَ: فَمَرَّ بِرَبِيعَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، ابْنَيْ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ، يَتَنَازَعَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجَ مِنْهَا .
وقال أيضاً :
(2543) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ الْمِصْرِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، عَنْ أَبِي بَصْرَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» أَوْ قَالَ «ذِمَّةً وَصِهْرًا، فَإِذَا رَأَيْتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَاخْرُجْ مِنْهَا» .
قَالَ: فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ، وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَخَرَجْتُ مِنْهَا .
قال العلامة ملا علي القاري - رحمه الله - في ( مرقاة المفاتيح ) :
( (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ) : وَهِيَ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ (وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى) ، أَيْ: يُذْكَرُ (فِيهَا الْقِيرَاطُ) ، وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ دِينَارٍ، وَقِيلَ: خَمْسُ شُعَيْرَاتٍ، وَأَصْلُهُ قِرَّاطٌ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أُبْدِلَتِ الرَّاءُ الْأُولَى يَاءً، وَنَظِيرُهُ دِينَارٌ.
قَالَ الْقَاضِي، أَيْ: يُكْثِرُ أَهْلُهَا ذِكْرَ الْقَرَارِيطِ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ لِتَشَدُّدِهِمْ فِيهَا وَقِلَّةِ مُرُوءَتِهِمْ،
وَقِيلَ: الْقَرَارِيطُ كَلِمَةٌ يُذْكَرُ أَهْلُهَا فِي الْمُسَابَّةِ، وَيَقُولُونَ: أَعْطَيْتُ فُلَانًا قَرَارِيطَ أَيْ: أَسْمَعْتُهُ الْمَكْرُوهَ، وَقَدْ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِلَهْجَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ، لِأَنَّهُ مِنْهُمْ،
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْقَوْمَ لَهُمْ دَنَاءَةٌ وَخِسَّةٌ، أَوْ فِي لِسَانِهِمْ بَذَاءٌ وَفُحْشٌ، (فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا) أَيْ: إِذَا اسْتَوْلَيْتُمْ عَلَى أَهْلِهَا وَتَمَكَّنْتُمْ مِنْهُمْ (فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا) أَيْ: بِالصَّفْحِ وَالْعَفْوِ عَمَّا تُنْكِرُونَ وَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ سُوءُ أَفْعَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ عَلَى الْإِسَاءَةِ، (فَإِنَّ لَهَا) ، أَيْ: لِأَهْلِهَا (ذِمَّةً) ، أَيْ: حُرْمَةً وَأَمَانًا مِنْ جِهَةِ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَرَحِمًا) : بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ: قَرَابَةً مِنْ قِبَلِ هَاجَرَ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّ هَاجَرَ وَمَارِيَةَ كَانَتَا مِنَ الْقِبْطِ (أَوْ قَالَ ذِمَّةً وَصِهْرًا) : شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي قَالَ شَارِحٌ: فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الصِّهْرُ يَخْتَصُّ بِمَارِيَةَ، وَالذِّمَّةُ بِهَاجَرَ، (فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ) : بِفَتْحِ لَامٍ وَكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ وَهِيَ الْآجُرُّ قَبْلَ طَبْخِهِ (فَاخْرُجْ) ، أَيْ: يَا أَبَا ذَرٍّ (مِنْهَا) . أَيْ: مِنْ مِصْرَ، وَالظَّاهِرُ الْمُطَابِقُ لِرَأَيْتُمْ أَنْ يُقَالَ: فَاخْرُجُوا، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ الْأَمْرَ بِهِ شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْفِتْنَةِ لَوْ أَقَامَ بَيْنَهُمْ.
(قَالَ) ، أَيْ: أَبُو ذَرٍّ (فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ) : بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ فَسُكُونٍ بِلَا انْصِرَافٍ (ابْنِ حَسَنَةَ) : بِفَتَحَاتٍ (وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ) : لَمْ يَذْكُرْهُمَا الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ (يَخْتَصِمَانِ فِي مَوْضِعِ لَبِنَةٍ، فَخَرَجْتُ مِنْهَا) .
وََقد وَقَعَ هَذَا فِي آخِرِ عَهْدِ عُثْمَانَ حِينَ عَتَبُوا عَلَيْهِ وِلَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ أَخِيهِ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا كُوشِفَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْغَيْبِ أَنَّهُ سَتَحْدُثُ هَذِهِ الْحَادِثَةُ فِي مِصْرَ، وَسَيَكُونُ عَقِيبَ ذَلِكَ فِتَنٌ وَشُرُورٌ بِهَا كَخُرُوجِ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوَّلًا، وَقَتْلِهِمْ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ثَانِيًا، وَهُوَ وَالٍ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ عَلِيٍّ فَاخْتَبَأَ حِينَ أَحَسَّ بِالشَّرِّ فِي جَوْفِ حِمَارٍ مَيِّتٍ فَرَمَوْهُ بِالنَّارِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ عَلَامَةً وَأَمَارَةً لِتِلْكَ الْفِتَنِ وَأَمَرَ أَبَا ذَرٍّ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا حَيْثُمَا رَآهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشُّرَّاحُ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِي طِبَاعِ سُكَّانِهَا خِسَّةً وَمُمَاكَسَةً، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَدْرُ الْحَدِيثِ، فَإِذَا اقْتَضَتِ الْحَالُ إِلَى أَنْ يَتَخَاصَمُوا فِي هَذَا الْمُحَقَّرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّزَ عَنْ مُخَالَطَتِهِمْ وَيَجْتَنِبَ عَنْ مُسَاكَنَتِهِمْ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . ) .
نشره( طاهر نجم الدين المحسي  )

الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

حكم أفتعال النكات لاضحاك الناس...

وهنا أمرٌ مهمٌّ يغلط فيه كثيرٌ من النَّاس؛ حيث اتَّخذوا المزاح حِرفةً وصنعةً لإضحاك النَّاسِ بالكَذب والافتِراء، من أمثال أصحاب التَّمثيليَّات ـ الكوميديا ـ، والرُّسوم الكاريكاتورِيَّة الَّتي ما فتِئت تسخَر حتَّى من بعض الشَّعائر الدِّينية،
 ناهِيك عن الطَّعن في بعض الجِهات بالسَّبِّ والقَذف والاتِّهام، وما ذاك إلاَّ جهلاً بالدِّين وقلَّة في الحياء، وسَفَهًا في العقل ـ عياذًا بالله ـ، أو التَّنكيت بفِئةٍ مِن النَّاس، أو جهةٍ مِن الجهات ممَّا قد يكون سببًا لإثارة الضَّغائن والأحقاد، وقد توعَّد النَّبيُّ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ من يفعلُ ذلك بالوَعيد الشَّديد؛
فعن بَهزِ بن حكِيم عن أبيه عن جدِّه قال: سمعت النَّبيَّ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ يقول: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بِالحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ فَيَكْذِب، وَيْلٌُ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ».
قال في «فيض القدير» (6/ 477):
«كرَّره ـ أي الدُّعاء بالويل ـ إيذانًا بشدَّة الهَلَكة؛ وذلك لأنَّ الكذِبَ وحدَه رأس كلِّ مذمومٍ وجِمَاعُ كلِّ فضيحةٍ؛
 فإذا انضمَّ إليه استِجلاب الضَّحك الَّذي يُميت القلبَ، ويجلب النِّسيانَ، ويُورِث الرُّعونةَ كان أقبحَ القبائح،
 ومِن ثمَّ قال الحُكَماء:إيرادُ المضحِكات على سبيل السَّخف نهايةُ القباحَة» اهـ.

الأربعاء، 7 أغسطس 2013

من روائع المقالات :وقفات مع العيد للعلامة صالح الفوزان-حفظه الله-



أولاً: الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال وجميل الثياب:
فقد أخرج مالك في موطئه عن نافع: (أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى) [وهذا إسناد صحيح]. قال ابن القيم: (ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه) [زاد المعاد 1/442]. وثبت عنه أيضاً لبس أحسن الثياب للعيدين.
قال ابن حجر: (روى ابن أبي الدنيا والبهيقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين) [فتح الباري 2/51]. وبهذين الأثرين وغيرهما أخذ كثير من أهل العلم استحباب الاغتسال والتجمل للعيدين.
ثانياً: يُسَنُّ قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطرأن يأكل تمرات وتراً:
ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك، يقطعها على وتر؛ لحديث أنس قال: (كان النبي لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً) [أخرجه البخاري].
ثالثاً: يسن التكبير والجهر به - ويُسر به النساء - يوم العيد من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلي:
لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله كان يكبر يوم الفطر من حيث يخرج من بيته حتى يأتي المصلى) [حديث صحيح بشواهده]. وعن نافع: (أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام، فيكبر بتكبيره) [أخرجه الدارقطني وغيره بإسناد صحيح].
تنبيه: التكبير الجماعي بصوت واحد بدعة لم تثبت عن النبي ولا عن أصحابه، والصواب أن يكبر كل واحد بصوت منفرد.
رابعاً: يسن أن يخرج إلى الصلاة ماشياً:
لحديث علي قال: (من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً) أخرجه الترمذي وقال: (هذا حديث حسن، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشياً، وألا يركب إلا من عذر) [صحيح سنن الترمذي].
خامساً: يسن إذا ذهب إلى الصلاة من طريق أن يرجع من طريق آخر:
لحديث جابر قال: (كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق) [أخرجه البخاري].
سادساً: تشرع صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفعاها بلا أذان ولا إقامة:
وهي ركعتان يكبر في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات. ويسن أن يقرأ الإمام فيهما جهراً سورة (الأعلى) و (الغاشية) أو سورة (ق) و (القمر). وتكون الخطبة بعد الصلاة، ويتأكد خروج النساء إليها، ومن الأدلة على ذلك:
1 - عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً) [صحيح سنن أبي داود].
2 - وعن النعمان بن بشير أن رسول الله كان يقرأ في العيدين بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى:1] و (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) [الغاشية:1] [صحيح سنن ابن ماجة].
3 - وعن عبيدالله بن عبدالله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله في الأضحى والفطر؟ فقال: (كان يقرأ فيهما بـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) [ق:1]، (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر:1]) [رواه مسلم].
4 - وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أُمرنا أن نَخرج، فنُخرج الحُيَّض والعواتق وذوات الخدور - أي المرأة التي لم تتزوج - فأما الحُيَّض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزلن مصلاهم) [أخرجه البخاري ومسلم].
5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (شهدت صلاة الفطر مع نبي الله وأبي بكر وعمر عثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة} [أخرجه مسلم].
6 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلّى العيد بلا أذان ولا إقامة) [صحيح سنن أبي داود].
سابعاً: إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة، فمن صلّى العيد لم تجب عليه صلاة الجمعة:
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله قال: "اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إنشاء الله" [صحيح سنن أبي داود].
ثامناً: من فاتته صلاة العيد مع المسلمين يشرع له قضاؤها على صفتها:
وإذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال صلوها جميعاً من الغد؛ لحديث أبي عمير ابن أنس رحمه الله عن عمومة له من أصحاب النبي: (أن ركباً جاءوا إلى النبي يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم النبي أن يفطروا، وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم) [أخرجه أصحاب السنن وصححه البهيقي والنووي وابن حجر وغيرهم].
تاسعاً: ولا بأس بالمعايدة وأن يقول الناس: (تقبل الله منا ومنكم):
قال ابن التركماني: (في هذا الباب حديث جيد... وهو حديث محمد من زياد قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي ، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك). قال أحمد بن حنبل: إسناده جيد. [الجوهر النقي 3/320].
عاشراً: يوم العيد يوم فرح وسعة:
فعن أنس قال: قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر" [صحيح سنن أبي داود].
حادي عشر: احذر أخي المسلم الوقوع في المخالفات الشرعية
والتي يقع فيها بعض الناس من أخذ الزينة المحرمة كالإسبال، وحلق اللحية، والاحتفال المحرم من سماع الغناء، والنظر المحرم، وتبرج النساء واختلاطهن بالرجال. واحذر أيها الأب الغيور من الذهاب بأسرتك إلى الملاهي المختلطة، والشواطئ والمنتزهات التي تظهر فيها المنكرات.

http://www.alfawzan.af.org.sa/node/14073

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...