السبت، 30 أغسطس 2014

لماذا بكى سلمان الفارسي-رضى الله عنه-وبماذا عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه..؟!!

أخرج الإمام ابن ماجة -رحمه الله-في"سننه" رقم4104 بسنده :
عن ثابت عن أنس -رضى الله عنه-قال:
 اشتكى سلمان فعاده سعد فرآه يبكي،
 فقال له سعد: ما يبكيك يا أخي؛ أليس قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس أليس!
 قال سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين،
 ما أبكي ضناً للدنيا ، ولا كراهية للآخرة ،
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً؛ فما أراني إلا قد تعديت!
 قال: وما عهد إليك؟
 قال: عهد إلي:" أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب
 ولا أراني إلا قد تعديت! ،
وأما أنت يا سعد: فاتق الله عند حكمك إذا حكمت،
 وعند قسمك إذا قسمت،
 وعند همك إذا هممت.
 قال ثابت فبلغني: أنه ما ترك إلا بضعة وعشرين درهماً من نفقة كانت عنده.
(صحيح ابن ماجة)4104 و(صحيح الترغيب) 

الجمعة، 29 أغسطس 2014

قصاص زماننا..(سبب هلاكنا)!!!

فعن خباب-رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم،أنه قال:" إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا ".أورده الإمام الإلباني-رحمه الله- في(الصحيحة)(4/246-248) تحت الرقم1681 ، وقال :"(قصوا) قال في " النهاية ": وفي رواية: " لما هلكوا قصوا " أي: اتكلوا على القول وتركوا العمل؛ فكان ذلك سبب هلاكهم، أو بالعكس، لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص ". 
وأقول: ومن الممكن أن يقال: إن سبب هلاكهم إهتمام وعاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع، الذي يعرف الناس بدينهم ؛فيحملهم ذلك على العمل الصالح؛ لما فعلوا ذلك هلكوا. وهذا هو شأن كثير من قصاص زماننا الذين جل كلامهم في وعظهم حول الإسرائيليات ،والرقائق والصوفيات.نسأل الله العافية"انتهى.

الخميس، 28 أغسطس 2014

من روائع التفسير: وجوب الخوف من الله وحده

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله- في (تفسيره) عند تفسير قوله تعالي:{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏} آل عمران:175:" أي‏:‏ إن ترهيب من رهب من المشركين، وقال‏:‏ إنهم جمعوا لكم، داع من دعاة الشيطان، يخوف أولياءه الذين عدم إيمانهم، أو ضعف‏.‏{‏فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين‏} أي‏:‏ فلا تخافوا المشركين أولياء الشيطان؛ فإن نواصيهم بيد الله، لا يتصرفون إلا بقدره، بل خافوا الله الذي ينصر أولياءه الخائفين منه المستجيبين لدعوته‏.‏
وفي هذه الآية: وجوب الخوف من الله وحده، وأنه من لوازم الإيمان؛ فعلى قدر إيمان العبد يكون خوفه من الله، والخوف المحمود‏:‏ ما حجز العبد عن محارم الله‏"انتهى.

من روائع التفسير:ذكر الأسباب الموجبة على العبد أن لا يبخل بما أعطاه الله سبحانه من فضله

قال العلامة السعدي-رحمه الله-في "تفسيره" عند تفسير قوله تعالي :{ ‏وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السموات وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}آل عمران180:
 "أي‏:‏ ولا يظن الذين يبخلون، أي‏:‏ يمنعون ما عندهم مما آتاهم الله من فضله؛ من المال والجاه والعلم، وغير ذلك مما منحهم الله، وأحسن إليهم به، وأمرهم ببذل ما لا يضرهم منه لعباده؛ فبخلوا بذلك، وأمسكوه، وضنوا به على عباد الله، وظنوا أنه خير لهم، بل هو شر لهم، في دينهم ودنياهم، وعاجلهم وآجلهم{‏سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة‏}أي‏:‏ يجعل ما بخلوا به طوقا في أعناقهم، يعذبون به كما ورد في الحديث الصحيح:(‏إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع، له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه يقول‏:‏ أنا مالك، أنا كنزك‏)،‏ وتلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مصداق ذلك، هذه الآية‏.‏
فهؤلاء حسبوا أن بخلهم نافعهم، ومجد عليهم؛ فانقلب عليهم الأمر، وصار من أعظم مضارهم، وسبب عقابهم‏.‏‏{‏ولله ميراث السموات والأرض‏}‏ أي‏:‏ هو تعالى مالك الملك، وترد جميع الأملاك إلى مالكها، وينقلب العباد من الدنيا ما معهم درهم ولا دينار، ولا غير ذلك من المال‏.‏قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون‏}،‏ وتأمل كيف ذكر السبب الابتدائي والسبب الغائي، الموجب كل واحد منهما أن لا يبخل العبد بما أعطاه الله‏:أخبر أولا‏:‏ أن الذي عنده وفي يده فضل من الله ونعمة، ليس ملكا للعبد، بل لولا فضل الله عليه وإحسانه، لم يصل إليه منه شيء؛ فمنعه لذلك منع لفضل الله وإحسانه؛ ولأن إحسانه موجب للإحسان إلى عبيده ، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأحسن كما أحسن الله إليك‏}‏فمن تحقق أن ما بيده، فضل من الله، لم يمنع الفضل الذي لا يضره، بل ينفعه في قلبه وماله، وزيادة إيمانه، وحفظه من الآفات‏.‏ثم ذكر ثانيًا‏:‏ أن هذا الذي بيد العباد كلها ترجع إلى الله، ويرثها تعالى، وهو خير الوارثين؛ فلا معنى للبخل بشيء هو زائل عنك منتقل إلى غيرك‏.‏
ثم ذكر ثالثا‏:‏ السبب الجزائي، فقال‏:‏ ‏{‏والله بما تعملون خبير‏}‏؛ فإذا كان خبيرا بأعمالكم جميعها ـ ويستلزم ذلك الجزاء الحسن على الخيرات، والعقوبات على الشر ـ لم يتخلف من في قلبه مثقال ذرة من إيمان عن الإنفاق الذي يجزى به الثواب، ولا يرضى بالإمساك الذي به العقاب‏"انتهى.‏

السبت، 23 أغسطس 2014

فضل التفرغ لطلب العلم

أخرج الإمام الترمذي -رحمه الله-في "سننه" [كتاب الزهد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-باب في التوكل على الله] حديث رقم (2345) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضى الله عنه-قَالَ : 
كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،(وفي رواية: يحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، ومجلسه)، وَالْآخَرُ يَحترِفُ؛
 فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
[فقال: يا رسول الله! [إن هذا] أخي لا يعينني بشيء
 فَقَالَ :"لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ[غريب].
قال العلامة المباركفوري-رحمه الله- في<تحفة الأحوذي> عند شرحه:
"قَوْلُهُ : ( كَانَ أَخَوَانِ أَيِ: اثْنَانِ مِنَ الْإِخْوَانِ،
 ( عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ: فِي زَمَنِهِ ؛ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ،
 ( وَالْآخَرُ يَحْتَرِفُ أَيْ: يَكْتَسِبُ أَسْبَابَ الْمَعِيشَةِ؛ فَكَأَنَّهُمَا كَانَا يَأْكُلَانِ مَعًا،
 ( فَشَكَا الْمُحْتَرِفُ أَيْ: فِي عَدَمِ مُسَاعَدَةِ أَخِيهِ إِيَّاهُ فِي حِرْفَتِهِ وَفِي كَسْبٍ آخَرَ لِمَعِيشَتِهِ،
 ( فَقَالَ : تُرْزَقُ بِهِ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: أَرْجُو وَأَخَافُ أَنَّكَ مَرْزُوقٌ بِبَرَكَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَرْزُوقٌ بِحِرْفَتِكَ فَلَا تَمْنُنْ عَلَيْهِ بِصَنْعَتِكَ . قَالَ الطِّيبِيُّ : وَمَعْنَى لَعَلَّ فِي قَوْلِهِ :( لَعَلَّكَ): يَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُفِيدُ الْقَطْعَ وَالتَّوْبِيخَ ، كَمَا وَرَدَ:" فَهَلْ تُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ" ،
وَأَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمُخَاطَبِ لِيَبْعَثَهُ عَلَى التَّفَكُّرِ وَالتَّأَمُّلِ ؛
 فَيَنْتَصِفَ مِنْ نَفْسِهِ ، انْتَهَى ". 
وقال الإمام الألباني-رحمه الله-في <الصحيحة>(6/2/637) بعد تخريجه:
"وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي، وهو كما قالا".
 والزيادات منها .
وقال -رحمه الله-في الفهرس معنوناً له:
"فضل التفرغ لطلب العلم"انتهى

من عجائب القصص: الرجل والسحابة وصاحب الحديقة !!!

تأملوا هذه القصة" التى لم ينسجها خيال قصاص أو أديب،
بل هى حادثة واقعة قصًّها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه،
 هو حق مثلما أنكم تنطقون ،
 إذ هو إخلاف الله للمنفقين، الذي وعده في كتابه العزيز: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ: 39]"،وفيها أيضاً بياناً لقوله تعالي:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق2-3]:
فعن أبي هريرة-رضى الله عنه- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"بينا رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتاً في سحابة،
 يقول: اسق حديقة فلان؛
 فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة،
 فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله؛
 فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته،
 فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟
قال: فلان للاسم الذي سمع في السحابة ،
فقال له: يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟
 قال: إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه، يقول: اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها؟
 قال: أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها؛
 فأتصدق بثلثه،
 وآكل أنا وعيالي ثلثا ،
وأرد فيها ثلثا".
وفي رواية:" قال: وأجعل ثلثه في المساكين ، والسائلين ،وابن السبيل".
[صحيح مسلم / كتاب الزهد والرقائق]رقم:(2984)
قال الإمام النووي-رحمه الله-عند شرحه:
"وَفِي الْحَدِيثِ:
 فَضْلُ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ ،
 وَفَضْلُ أَكْلِ الْإِنْسَانِ مِنْ كَسْبِهِ ،
 وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْعِيَالِ ".
وقال الإمام الإلباني-رحمه الله-بعد أن ذكرها وذكر معها قصة أخرى:
"فانظروا الآن كيف أن ربَّ السَّماء سخَّر البحر للرجل الأول،
 ثمَّ ربَّ البحر سخَّر السَّماء للرجل الآخر،
 ما هو الجامع في هذا التَّسخير؟
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}.
ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلنا من المتقين العاملين بالكتاب والسنة"انتهى.
<سلسلة الهدى والنور>الشريط رقم334


الثلاثاء، 19 أغسطس 2014

حرفشة في العلم...؟!

قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-عند كلامه على حديث عائشة -رضى الله عنها- في <حاشيته على سنن أبي داؤد(تهذيب السنن)4/110 ط:دار الحديث:
 " أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر , ثم رجع إلى منى , فمكث بها " الحديث:
" فاختلف الناس في ذلك..
. وأما حديث عائشة فقد فهم منه جماعة - منهم المحب الطبري وغيره - أنه صلى الظهر بمنى ، ثم أفاض إلى البيت بعد ما صلى الظهر ، لأنها قالت : " أفاض من آخر يومه حين صلى الظهر ، ثم رجع إلى منى " .
 قالوا : ولعله صلى الظهر بأصحابه ، ثم جاء إلى مكة فصلى الظهر بمن لم يصل ، كما قال جابر ،
 ثم رجع إلى منى؛ فرأى قوماً لم يصلوا فصلى بهم ثالثة ، كما قال ابن عمر ،
وهذه حرفشة في العلم ، وطريقة يسلكها القاصرون فيه ،
 وأما فحول أهل العلم ؛ فيقطعون ببطلان ذلك ، ويحيلون الإختلاف على الوهم والنسيان، الذي هو عرضة البشر ،
 ومن له إلمام بالسنة ومعرفة بحجته صلى الله عليه وسلم ، يقطع بأنه لم يصل الظهر في ذلك اليوم ثلاث مرات بثلاث جماعات ، بل ولا مرتين .
 وإنما صلاها على عادته المستمرة قبل ذلك اليوم وبعده ، صلى الله عليه وسلم "انتهى.

من روائع التفسير:{ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}

جاءفي< تفسير> الحافظ ابن كثير-رحمه الله-(2/369) عند تفسير قوله تعالي:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}الأعراف:199:
".. وَقَالَ الْبُخَارِيّ قَوْله :{خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} الْعُرْف الْمَعْرُوف
 حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان حَدَّثَنَا شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة أَنَّ اِبْن عَبَّاس -رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا- قَالَ : قَدِمَ عُيَيْنَة بْن حِصْن بْن حُذَيْفَة فَنَزَلَ عَلَى اِبْن أَخِيهِ الْحُرّ بْن قَيْس وَكَانَ مِنْ النَّفَر الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَر وَكَانَ الْقُرَّاء أَصْحَاب مَجَالِس عُمَر وَمُشَاوَرَته كُهُولًا كَانُوا أَوْ شَبَابًا.
 فَقَالَ عُيَيْنَة لِابْنِ أَخِيهِ: يَا اِبْن أَخِي لَك وَجْه عِنْد هَذَا الْأَمِير فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ،
 قَالَ : سَأَسْتَأْذِنُ لَك عَلَيْهِ،
 قَالَ اِبْن عَبَّاس: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرّ لِعُيَيْنَة فَأَذِنَ لَهُ عُمَر؛
 فَدَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِيَ يَا اِبْن الْخَطَّاب؛ فَوَاَللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْل، وَلَا تَحْكُم بَيْننَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَر حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِع بِهِ،
 فَقَالَ لَهُ الْحُرّ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: { خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَوَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ..
 وَاَللَّه مَا جَاوَزَهَا عُمَر حِين تَلَاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْد كِتَاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
 اِنْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيّ.
 وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى قِرَاءَة أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي مَالِك بْن أَنَس عَنْ عَبْد اللَّه بْن نَافِع:
 أَنَّ سَالِم بْن عَبْد اللَّه بْن عُمَر مَرَّ عَلَى عِير لِأَهْلِ الشَّام وَفِيهَا جَرَس،
 فَقَالَ : إِنَّ هَذَا مَنْهِيّ عَنْهُ،
 فَقَالُوا : نَحْنُ أَعْلَم بِهَذَا مِنْك إِنَّمَا يُكْرَه الْجُلْجُل الْكَبِير، فَأَمَّا مَثَل هَذَا فَلَا بَأْس بِهِ؟
 فَسَكَتَ سَالِم ، وَقَالَ: { وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}.
وَقَوْل الْبُخَارِيّ الْعُرْف: الْمَعْرُوف
 نَصَّ عَلَيْهِ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَالسُّدِّيّ وَقَتَادَة وَابْن جَرِير وَغَيْر وَاحِد وَحَكَى اِبْن جَرِير أَنَّهُ يُقَال: أَوْلَيْته مَعْرُوفًا وَعَارِفًا كُلّ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْمَعْرُوف،
 قَالَ: وَقَدْ أَمَرَ اللَّه نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْمُر عِبَاده بِالْمَعْرُوفِ وَيَدْخُل فِي ذَلِكَ جَمِيع الطَّاعَات ، وَبِالْإِعْرَاضِ عَنْ الْجَاهِلِينَ وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ أَمْرًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ تَأْدِيب لِخَلْقِهِ بِاحْتِمَالِ مَنْ ظَلَمَهُمْ وَاعْتَدَى عَلَيْهِمْ،
 لَا بِالْإِعْرَاضِ عَمَّنْ جَهِلَ الْحَقّ الْوَاجِب مِنْ حَقّ اللَّه،
 وَلَا بِالصَّفْحِ عَمَّنْ كَفَرَ بِاَللَّهِ وَجَهِلَ وَحْدَانِيّته وَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ حَرْب.
 وَقَالَ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة فِي قَوْله: { خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ } قَالَ: هَذِهِ أَخْلَاق أَمَرَ اللَّه بِهَا نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلَّهُ عَلَيْهَا.
 وَقَدْ أَخَذَ بَعْض الْحُكَمَاء هَذَا الْمَعْنَى فَسَبَّكَهُ فِي بَيْتَيْنِ فِيهِمَا جِنَاس فَقَالَ :
 خُذْ الْعَفْو وَأْمُرْ بِعُرْفٍ كَمَا ... أُمِرْتَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ
 وَلِنْ فِي الْكَلَام لِكُلِّ الْأَنَام ... فَمُسْتَحْسَن مِنْ ذَوِي الْجَاه لِين
 وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : النَّاس رَجُلَانِ:
 فَرَجُل مُحْسِن فَخُذْ مَا عَفَا لَك مِنْ إِحْسَانه، وَلَا تُكَلِّفهُ فَوْق طَاقَته ، وَلَا مَا يُحْرِجهُ،
 وَإِمَّا مُسِيء فَمُرْهُ بِالْمَعْرُوفِ؛ فَإِنْ تَمَادَى عَلَى ضَلَاله، وَاسْتَعْصَى عَلَيْك وَاسْتَمَرَّ فِي جَهْله فَأَعْرِضْ عَنْهُ؛
 فَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَرُدّ كَيْده كَمَا قَالَ تَعَالَى: { اِدْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن السَّيِّئَة نَحْنُ أَعْلَم بِمَا تَصِفُونَ وَقُلْ رَبّ أَعُوذ بِك مِنْ هَمَزَات الشَّيَاطِين وَأَعُوذ بِك رَبّ أَنْ يَحْضُرُونِي
 وَقَالَ تَعَالَى :{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَة وَلَا السَّيِّئَة اِدْفَعْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَن فَإِذَا الَّذِي بَيْنك وَبَيْنه عَدَاوَة كَأَنَّهُ وَلِيّ حَمِيم وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظّ عَظِيم } أَيْ: هَذِهِ الْوَصِيَّة"انتهى .

هل عمل أهل المدينة النبوية حجة ؟!!(تفصيل علمي بديع)

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-في كلامٍ له في كتابه الماتع النافع [زاد المعاد في هدي خير العباد] ص96 ط:دارالفكر:
"وليس مع القائلين بالتسليمة(أي:الواحدة من الصلاة) غير عمل أهل المدينة،
 قالوا: وهو عمل قد توارثوه كابرًا عن كابر، ومثله يصح الاحتجاجُ به؛ لأنه لا يخفى لوقوعه في كل يوم مرارًا،
 وهذه طريقةٌ قد خالفهم فيها سائرُ الفقهاءِ، والصوابُ معهم،
 والسننُ الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تُدفع ولا تُرد بعمل أهل بلد كائنًا من كان،
 وقد أحدث الأُمراءُ بالمدينة وغيرِها في الصلاة أمورًا استمر عليها العملُ، ولم يُلْتَفَتْ إلى استمراره ،
وعملُ أهل المدينة الذي يحتج به مَا كان في زمن الخلفاء الراشدين،
 وأما عملُهم بعد موتهم، وبعد انقراض عصر مَنْ كان بها في الصحابة؛
 فلا فرق بينهم وبين عمل غيرهم،
 والسنة تحكُم بين الناسِ،
 لا عملُ أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه، وبالله التوفيق"انتهى.

الأحد، 17 أغسطس 2014

من درر الفوائد: الأمر بالإجتماع والنهي عن التفرق حتى في حلق العلم داخل المسجد !!!

من أصوال الإسلام الكبار، وقواعده العظيمة:  وجوب الإجتماع والإئتلاف ، ونهيه وتحذيره عن التفرق والإختلاف، ومن ذلك: الأمر بالإجتماع والنهي عن التفرق حتى في حلق العلم داخل المسجد ..
قال الإمام البخاري-رحمه الله- في <صحيحه>:[كتاب الصلاة- أبواب استقبال القبلة - باب الحلق والجلوس في المسجد] :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ
 قَالَ :" مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى " ،
وَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ :اجْعَلُوا  آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِهِ.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ
 فَقَالَ :"مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ؛ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ" ، 
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُمْ :أَنَّ رَجُلًا نَادَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ.

عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ؛
 فَأَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ؛ فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ ؛
فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى فُرْجَةً فِي الْحَلْقَةِ فَجَلَسَ ، 
وَأَمَّا الْآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ ؛
فَلَمَّا فَرَغَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :"أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ:
 أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ ، 
وَأَمَّا الْآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ،
 وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ".

قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-في <الفتح> عند شرحها (2/138-139):
" قَوْلُهُ : ( قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ كَثِيرٍ هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْوَلِيدِ ، وَهُوَ بِمَعْنَى حَدِيثِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ،... 
وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِهَذَا التَّعْلِيقِ بَيَانَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ لِيَتِمَّ لَهُ الِاسْتِدْلَالُ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ .

 وَقَدِ اعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ : لَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ دَلَالَةٌ عَلَى الْحَلَقِ وَلَا عَلَى الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ بِحَالٍ .
 وَأُجِيبَ: بِأَنَّ كَوْنَهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ صَرِيحٌ مِنْ هَذَا الْمُعَلَّقِ ، وَأَمَّا التَّحَلُّقُ فَقَالَ الْمُهَلَّبُ شَبَّهَ الْبُخَارِيُّجُلُوسَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ حَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَخْطُبُ بِالتَّحَلُّقِ حَوْلَ الْعَالِمِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ إِلَّا وَعِنْدَهُ جَمْعٌ جُلُوسٌ مُحْدِقِينَ بِهِ كَالْمُتَحَلقين، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
 وَقَالَ غَيْرُهُ : حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ يَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ وَهُوَ الْجُلُوسُ ، وَحَدِيثُ أَبِي وَاقِدٍ يَتَعَلَّقُ بِالرُّكْنِ الْآخَرِ وَهُوَ التَّحَلُّقُ . 

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْجِدَ وَهُمْ حِلَقٌ،

 فَقَالَ :" مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَ"؛ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ تَحَلُّقَهُمْ عَلَى مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا مَنْفَعَةَ* ، بِخِلَافِ تَحَلُّقِهِمْ حَوْلَهُ فَإِنَّهُ كَانَ لِسَمَاعِ الْعِلْمِ وَالتَّعَلُّمِ مِنْهُ "انتهى.
* فقال الإمام ابن باز-رحمه الله- في الحاشية متعقباً له:
"هَذَا فِيهِ نَظَرٌ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ تَفَرُّقَهُمْ (1)، وَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى اسْتِحْبَابِ اجْتِمَاعِهِمْ حَالَ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ ، وَأَنْ يَكُونُوا حَلْقَةً وَاحِدَةً لَا حَلَقًا ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ لِلْقُلُوبِ وَأَكْمَلُ لِلْفَائِدَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ "انتهى.

(1)-قال الإمام النووي-رحمه الله-في <شرح مسلم>:
"قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَا لِي أَرَاكُمْ عِزِينَأَيْ: مُتَفَرِّقِينَ جَمَاعَةً جَمَاعَةً ، وَهُوَ بِتَخْفِيفِ الزَّايِ الْوَاحِدَةِ ( عِزَةٌمَعْنَاهُالنَّهْيُ عَنِ التَّفَرُّقِ ، وَالْأَمْرُ بِالِاجْتِمَاعِ،.."انتهى
وقال العلامة ابن عثيمين-رحمه الله-في[التعليق على صحيح مسلم]3/149 معلقاً عليه:
"يعني:متفرقين؛لأن الأولى في حق الذين يكونون في مكان واحد أن يجمتع بعضهم إلى بعض ، سواء في حلقة القرآن أو العلم أو غير ذلك ، وأن لا يتفرقوا ؛ لأن الناس إذا تفرقوا بلأجسام، تفرقت القلوب"انتهى

السبت، 16 أغسطس 2014

من روائع التفسير: نعيم القبروعذابه-أعاذنا الله منه-بفضله ورحمته

قال الله تبارك وتعالي:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ }آل عمران:185
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله-عند تفسيرها:
"هذه الآية الكريمة فيها:
 التزهيد في الدنيا بفنائها ، وعدم بقائها،
 وأنها متاع الغرور، تفتن بزخرفها، وتخدع بغرورها،
 وتغر بمحاسنها،
 ثم هي منتقلة، ومنتقل عنها إلى دار القرار، التي توفى فيها النفوس ما عملت في هذه الدار، من خير وشر.
{ فمن زحزح } أي: أخرج، {عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}أي: حصل له الفوز العظيم من العذاب الأليم، والوصول إلى جنات النعيم، التي فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ومفهوم الآية: أن من لم يزحزح عن  النار ويدخل الجنة؛ فإنه لم يفز، بل قد شقي الشقاء الأبدي، وابتلي بالعذاب السرمدي.
وفي هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه، وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء مما عملوه، ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه،
 يفهم هذا من قوله: {وإنما توفون أجوركم يوم القيامة}أي: توفية الأعمال التامة، إنما يكون يوم القيامة،
 وأما ما دون ذلك فيكون في البرزخ، بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله تعالى:{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ}"انتهى .
<تيسير الكريم الرحمن..>(1/300)
  

#إضاءة من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- ماأشد حاجتنا إليها اليوم في تعاملنا مع خصومنا...!!!

قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-عند كلامه عن حسن خلق شيخه-رحمه الله-وعفوه وإحسانه إلى من أساء إليه:
"وما رأيت أحداً أجمع لهذه من شيخ الإسلام -قدس الله روحه-.
وكان بعض أصحابه الأكابر يقول:وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه<؟!>.
وما رأيته يدعو على أحدٍ منهم قط ، وكان يدعو لهم ،
وجيئت يوماً مبشراً له بموت أكبر أعدائه<!>، وأشدهم عداوةً وأذىً له؛
فنهرني، وتنكر لي ، واسترجع ، ثم قام من فوره إلى بيت أهله ، فعزَّاهم ،
وقال: إني لكم مكانه ، ولا يكون أمر تحتاجونه فيه إلى مساعدة إلا وساعدتكم فيه ، ونحو هذا الكلام ،
فسروُّا به ، ودعوا له ،
وعظموا هذه الحال منه
،
فرحمه الله ورضي عنه"انتهى

"مدارج السالكين"{2/328-329}بواسطة

أغدراً ..؟!!!

اخرج الإمام ابن عبد البر-رحمه الله- في <جامع بيان العلم وفضله >:
 عن عامر الشعبي،قال:
 أتى زيد بن ثابت-رضى الله عنه- قوم؛
 فسألوه عن أشياء فأخبرهم بها فكتبوها ،
ثم قالوا: لو أخبرناه ،
قال: فأتوه فأخبروه،
فقال: أغدراً لعل كل شئ حدثتكم به خطأ، إنما أجتهد لكم رأيي.
وفي سند ابن عبد البر سنيد بن داود ، ضعيف ،
ومع ذلك قال الإمام ابن حزم-رحمه الله- في كتاب <الصادع في الرد علي من قال بالقياس>: ... : ( وهذا سند جيد ) !
وعلي كل فالأثر صحيح لان ابن عساكر في <تاريخ دمشق >:أخرجه بسند جيد من غير طريق سنيد، كما بين ذلك الشيخ مشهور في تحقيقه للصادع.
ومن فوائد هذا الأثر:
 *أن من كتب عن شيخ شيئاً من رأيه فعليه أن يستأذنه في ذلك قبل كتابته؛
 لأن الرأي قد يخطئ ؛
 فلا يجعل خطأ الرأي سنة للأمة،
 *وأن من كتب دون استئذان ، ومعرفة الشيخ فقد غدر به وما اقبح الغدر !
ومثل ذلك: وقد يكون اسوأ منه ما يقوم به بعض الناس ،
 وقد يكونون منتسبين الي السلفية !
من تسجيل كلام بعض العلماء أو طلبة العلم أو غيرهم من غير معرفتهم ،
 وبحيلٍ وأساليب ملتوية وتخف ؛ بل قد يكونون باحثين عن عثراتهم ،
 ثم يشيعون وينشرون هذه التسجيلات ، ويثيرون بها فتناً،
 وما اكثر الفتن في أوساط السلفيين ،
والله المستعان وهو الواقي

حسن بن حامد

خاطرة :التصنع الكاذب..؟!

رقةٌ ولطافة..ولسان معسول...
وإظهار شفقة ، ورأفة...
وطعن بالخناجر ،و إزهاق للروح...؟!!
لا تجزع فأنا معك؟...
ولا تحزن فقلبى عليك...!؟
وجه مبتسم...!!
وقلب منتقم...!!


كل هذا في معترك الحياة...
من الخادع ومن المخدوع...
إنه متاع زأئل...وظل مضمحل...
والكل مغادر ، وسائر في الطريق..!؟
ومدركه الموت لا محالة..وملاقيه في أى  الدروب سلك..!
وعند ذلك سيدرك الحقيقة ...
وينكشف له الغطاء...
ولكن في ساعةٍ..لا ينفع فيها الندم...
ولا يشفع فيها البكاء..
وسيعلم عندها أى منقلب انقلب...!
فالظالم باء بالصفقة الخاسرة...
والمقسط فاز بالجنة العالية...

الجمعة، 15 أغسطس 2014

من شبهات الخوارج والرد عليها

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله- عند تفسيره لقوله تعالي :{بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها  خالدون} البقرة:81 :
"ثم ذكر تعالى حكماً عامًا ، لكل أحد  يدخل فيه بنو إسرائيل وغيرهم ، وهو الحكم الذي لا  حكم غيره ، لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين،
 فقال : {بلى }أي :ليس الأمر كما   ذكرتم ، فإنه قول لا حقيقة له ، ولكن {من كسب سيئة }: وهو نكرة في سياق الشرط ؛ فيعم الشرك فما دونه ،
 والمراد  به الشرك  هنا بدليل قوله : {وأحاطت به خطيئته }: أي :أحاطت بعاملها ؛ فلم تدع له منفذاً  ، وهذا لا يكون إلا بالشرك ؛ فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته.
   {فأولئك أصحاب النار هم فيها  خالدونوقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية، وهي حجة عليهم كما ترى ؛
 فإنها ظاهرة في الشرك ،
 وهكذا كل مُبِطل يحتَجُ بآية أو حديثّ صحيح على قوله الباطل؛ فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه"انتهى.

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...