الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

من أحسن القصص:فيها بركة طاعته صلى الله عليه وآله وسلم ،وفضل صحابته-رضى الله عنهم-

اخرج الامام مسلم -رحمه الله- في{ كتاب  الجهاد والسير}من صحيحه : باب غزوة الخندق
  عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ ، 
 فَقَالَ حُذَيْفَةُ : أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ ، وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ ،
 فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ" ،
 فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ،
 ثُمَّ قَالَ : "أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ" ، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ،
 ثُمَّ قَالَ :" أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
 فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ،
 فَقَالَ :" قُمْ يَا حُذَيْفَةُ فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ" ،
 فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ ،
 قَالَ :" اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ " ،
 فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ ، فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ الْقَوْسِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ" وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأَصَبْتُهُ ،
 فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِي فِي مِثْلِ الْحَمَّامِ ، 
فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَفَرَغْتُ قُرِرْتُ ، فَأَلْبَسَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا ، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحْتُ ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ،
 قَالَ :" قُمْ يَا نَوْمَانُ " .

قال الامام النووى-رحمه الله- في "شرحه":
"قوله : ( كنا عند حذيفة فقال رجل : لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلت معه وأبليت ، فقال له حذيفة ما قال ) معناه: أن حذيفة فهم منه أنه لو أدرك النبي صلى الله عليه وسلم لبالغ في نصرته ، ولزاد على الصحابة - رضي الله عنهم - فأخبره بخبره في ليلة الأحزاب ، وقصد زجره عن ظنه أنه يفعل أكثر من فعل الصحابة . 

قوله : ( وأخذتنا ريح شديدة وقر ) هو بضم القاف ، وهو : البرد . 

وقوله بعد هذا : ( قررت ) هو بضم القاف وكسر الراء ، أي : بردت . 

قوله صلى الله عليه وسلم : ( 
اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي ) هو بفتح التاء وبالذال المعجمة معناه : لا تفزعهم علي ولا تحركهم علي ، وقيل معناه : لا تنفرهم وهو قريب من المعنى الأول ، والمراد : لا تحركهم عليك فإنهم إن أخذوك كان ذلك ضررا علي لأنك رسولي وصاحبي . 

وقوله : ( فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم ) يعني : أنه لم يجد البرد الذي يجده الناس . ولا من تلك الريح الشديدة شيئا ; بل عافاه الله منه ببركة إجابته للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذهابه فيما وجهه له ، ودعائه صلى الله عليه وسلم له ، واستمر ذلك اللطف به ومعافاته من البرد حتى عاد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما رجع ووصل عاد إليه البرد الذي يجده الناس ، وهذه 
من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولفظة الحمام عربية ، وهو مذكر مشتق من الحميم ، وهو : الماء الحار . 

قوله : ( فرأيت 
أبا سفيان يصلي ظهره ) هو بفتح الياء وإسكان الصاد أي : يدفئه ويدنيه منها ، وهو الصلا بفتح الصاد والقصر ، والصلاء بكسرها والمد . 

قوله : ( كبد القوس ) هو : مقبضها ، وكبد كل شيء وسطه . 

قوله : ( فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها ) العباءة بالمد ، والعباية بزيادة ياء لغتان مشهورتان معروفتان . 

وفيه: جواز 
الصلاة في الصوف ، وهو جائز بإجماع من يعتد به ، وسواء الصلاة عليه وفيه . ولا كراهية في ذلك . قال العبدري من أصحابنا : وقالت الشيعة : لا تجوز الصلاة على الصوف ، وتجوز فيه ، وقال مالك : يكره كراهة تنزيه . 

قوله : ( فلم أزل نائما حتى أصبحت ، فلما أصبحت قال :" قم يا نومان" ) هو بفتح النون وإسكان الواو وهو كثير النوم ، وأكثر ما يستعمل في النداء كما استعمله هنا . 

وقوله : ( أصبحت ) أي : طلع الفجر . 

وفي هذا الحديث : أنه ينبغي للإمام وأمير الجيش بعث الجواسيس والطلائع لكشف خبر العدو . والله أعلم "انتهي.

آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وسلم

قال الامام البخاري-رحمه الله-في {كتاب المغازي}من "صحيحه" تحت باب : آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْن مُحَمَّدٍ , حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ , قَالَ يُونُسُ : قَالَ الزُّهْرِيُّ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ : " إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرَ " ،
 فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي غُشِيَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ أَفَاقَ ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى "؛ فَقُلْتُ : إِذًا لَا يَخْتَارُنَا وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ ،
 قَالَتْ : فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا : " اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الْأَعْلَى " .

الاثنين، 27 أغسطس 2012

لماذا فهم السلف الصالح...وتوبة خارجي..!


قال الامام مسلم -رحمه الله-في "صحيحه" (ج1 ص179): وحدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا الفضل بن دكين حدثنا أبوعاصم -يعني محمد بن أبي أيوب- قال: حدثني يزيد الفقير قال: كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة فإذا جابر بن عبدالله يحدث القوم جالس إلى سارية عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: فإذا هو قد ذكر الجهنميين، 
قال: فقلت له: يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون والله يقول: {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} و{كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا }فما هذا الذي تقولون؟ 
قال: فقال: أتقرأ القرآن؟ 
قلت: نعم. 
قال: فهل سمعت بمقام محمد -عليه السلام- -يعني الذي يبعثه الله فيه-؟
 قلت: نعم. 
قال: فإنه مقام محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- المحمود الذي يخرج الله به من يخرج
قال: ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه،
 قال: وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك،
 قال: غير أنه قد زعم : أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها، قال: يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم، قال: فيدخلون نهرا من أنهار الجنة، فيغتسلون فيه، فيخرجون كأنهم القراطيس، 
فرجعنا قلنا: ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؟
 فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد -أو كما قال أبونعيم-.

*و قال الإمام البخاري -رحمه الله- في «الأدب المفرد» ص(285): حدثنا موسى قال: حدثنا القاسم بن الفضل عن سعيد بن المهلب عن طلق بن حبيب قال: كنت أشد الناس تكذيبا بالشفاعة فسألت جابرا فقال: يا طليق سمعت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول: «يخرجون من النار بعد دخول» ونحن نقرأ الذي تقرأ.
قال الامام الألباني-رحمه الله-في حاشية صحيح الأدب المفرد :
" هنا اختصار، لعله من المؤلف، فاستدركته من "المسند" (3/330) من هذه الطريق بلفظ : "حتى لقيت جابر بن عبد الله ، فقرأت عليه كل آية ذكرها الله عز وجل ، فيها خلود أهل النار،
 فقال: يا طلق أتراك أقرأ لكتاب الله مني ، وأعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ !
 فأنصت له، 
فقلت : لا والله، بل أقرأ لكتاب الله وأعلم بسنته (!) مني، 
قال: فإن الذي قرأت أهلها هم المشركون، ولكن قوم أصابوا ذنوباً فعذبوا بها ، ثم أخرجوا، صمتا وأهوى بيديه إلى أذنيه- إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكر الحديث وقوله بعد دون قوله: "بعد دخول" ، ورواه ابن حبان(9/283) من طريق ابن عيينة: سمعت عمرو بن دينار ، سمعت جابراً به نحوه، وفيه:
فقال الرجل: إن الله يقول: { يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها}[المائدة:37].
"فقال جابر : إنكم تجعلون الخاص عاماً! هذه للكفار، اقرؤوا ما قبلها، ثم تلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(36) يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ …} [المائدة: 36و37]، هذه للكفار".
وقال العلامة مقبل بن هادى-رحمه الله-في رسالته الماتعة النافعة:(الشفاعة):مخرجاً له:
الحديث أخرجه أبونعيم في «الحلية» (ج2 ص66)، وابن مردويه كما في «تفسير ابن كثير» (ج2 ص54)، وفي «النهاية» (ج2 ص194).
والحديث حسن لغيره لأن فيه سعيد بن المهلب، وقد قال فيه الذهبي: لا يعرف، وثق. اهـ وذكر الحافظ في «تهذيب التهذيب» عنه راويين، وأنه وثقه ابن حبان. اهـ فهو صالح في الشواهد والمتابعات.
وأخرجه عبدالرزاق (ج11 ص412) عن معمر عن رجل عن طلق بن حبيب قال: قلت لجابر بن عبدالله: أرأيت هذه الآية {يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها} وأنت تزعم أن قوما يخرجون من النار؟
 قال: أشهد أن هذه الآية نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فآمنا بها قبل أن تؤمن بها، وصدقنا بها قبل أن تصدق بها، وأشهد أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول ما أخبرك: «إن قوما يخرجون من النار» ،
 فقال طلق: لا جرم والله لا أجادلك أبدا.
الحديث في سنده مبهم، ولكنه لا يضر لما تقدم له من المتابعات.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج1 ص219) فقال: أخبرنا علي ابن أحمد بن عبدان ثنا أحمد بن عبيد الصفار ثنا سعيد بن عثمان الأهوازي( ثنا عاصم بن علي ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق بن علي عن أبيه قال: كنت من أشد الناس تكذيبا بالشفاعة، حتى أتيت جابر ابن عبدالله، فقرأت عليه كل آية أقدر عليها في ذكر خلود أهل النار، 
فقال لي: يا طلق أنت أعلم بكتاب الله مني؟ وأعلم بسنة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مني؟
 إن الذي قرأت لهم أهلها، ولكن هؤلاء أصابوا ذنوبا فعذبوا ثم أخرجوا منها، ونحن نقرأ كما قرأت.
الحديث في سنده أيوب بن عتبة يحدث من حفظه فيغلط، ولكنه لا يضر لأنه في الشواهد".انتهى

الأحد، 26 أغسطس 2012

صور مشرقة من حياة الصحابة-رضى الله عنهم-:كرم،زهد ،صلة؛ سخاء..قاتل الله شيعة الشيطان

عن طلحة بن يحيى عن جدته سعدى قالت : دخلت يوما على طلحة تعني ابن عبيد الله ؛ فرأيت منه ثقلا،
 فقلت له: ما لك لعله رابك منا شيء فنعتبك،
 قال :لا ، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت ، ولكن اجتمع عندي مال ولا أدري كيف أصنع به،
 قالت: وما يغمك منه ادع قومك فاقسمه بينهم،
 فقال: يا غلام علي بقومي؛
 فسألت الخازن: كم قسم،
 قال: أربعمائة ألف .
رواه الطبراني.


 عن مالك الدار
أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة ؛ فقال للغلام :اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح ثم تله في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع ؟ 

فذهب بها الغلام إليه ،
فقال : يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك،
 فقال: وصله الله ورحمه ،
ثم قال: تعالي يا جارية اذهبي بهذه السبعة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان وبهذه الخمسة إلى فلان حتى أنفذها.
 ورجع الغلام إلى عمر فأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل فقال :اذهب بها إلى معاذ بن جبل وتله في البيت [ ساعة ] حتى تنظر ما يصنع فذهب بها إليه ؛
فقال: يقول لك أمير المؤمنين :اجعل هذه في بعض حاجتك،
 فقال :رحمه الله ووصله ، 
تعالي يا جارية اذهبي إلى بيت فلان بكذا اذهبي إلى بيت فلان بكذا اذهبي إلى بيت فلان بكذا؛
 فاطلعت امرأة معاذ ،وقالت : نحن والله مساكين فأعطنا؛
 فلم يبق في الخرقة إلا ديناران فدحى بهما إليها،
 ورجع الغلام إلى عمر فأخبره فسر بذلك فقال :إنهم إخوة بعضهم من بعض.
رواه الطبراني في الكبير


(صحيح الترغيب )

عن محمد بن زياد قال: أدركت السلف، وإنهم ليكونون في المنزل الواحد بأهاليهم، فربما نزل على بعضهم الضيف، وقدر أحدهم على النار، فيأخذها صاحب الضيف لضيفه، فيفقد القدر صاحبها.
 فيقول: من أخذ القدر؟ 
فيقول صاحب الضيف: نحن أخذناها لضيفنا.
 فيقول صاحب القدر: "بارك الله لكم فيها" (أو كلمة نحوها)
قال بقية: وقال محمد: والخبز إذا خبزوا مثل ذلك، وليس بينهم إلا جُدُر القصب.
 قال بقية : وأدركت أنا ذلك: محمد بن زياد وأصحابه.
(صحيح الأدب المفرد) ، وبوب له الامام البخاري-رحمه الله- في (الأدب المفرد ) بقوله:

باب دالة أهل الإسلام بعضهم على بعض.

من جوامع الكلم: وصايا نبوية

فعن أبي ذر- رضي الله عنه- قال :
" أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع:

 بحب المساكين وأن أدنو منهم،
 وأن أنظر إلى من هو أسفل مني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أصل رحمي وإن جفاني،
 وأن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله،
 وأن أتكلم بمر الحق،
 وأن لا تأخذني بالله لومة لائم،
 وأن لا أسأل الناس شيئا ".
رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني{صحيح الترغيب رقم 811}

الجمعة، 24 أغسطس 2012

أدعية لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، و ما صح يغنى عنها:


*حديث:( كان يدعو : اللهم إني أسألك عيشة نقية ، وميتة سوية ، ومردا غير مخزي ، ولا فاضح ) .
"الضعيفة"(6/461) حديث رقم (2915) : ضعيف.

*حديث:( اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي ، وتجمع بها أمري ، وتلم بها شعثي ، وتصلح بها غائبي ، وترفع بها شاهدي ، وتزكي بها عملي .... ) الحديث بطوله .
"الضعيفة"(-4636/461) حديث رقم (2918) : ضعيف.

 * حديث : ( اللهم لك الحمد كالذي تقول ، وخيرا مما نقول ، اللهم لك صلاتي ونسكي ، ومحياي ومماتي ، وإليك مآبي ، ولك رب تراثي ، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، ووسوسة الصدر ، وشتات الأمر ، اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح ) .
"الضعيفة"(6/464-465) حديث رقم (2918)وقال الامام الألباني-رحمه الله-:
"أخرجه الترمذي ( 4/265-266- تحفة ) ، وابن خزيمة في " صحيحة " ( 280/1 ) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/221-222 ) من طريق قيس بن الربيع عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن علي بن أبي طالب قال :
أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في الموقف .... ) فذكره ، وقال الترمذي :
" حديث غريب من هذا الوجه ، وليس إسناده بقوي " .
وقال ابن خزيمة :
" إن ثبت الخبر ، ولا إخال " .
قلت : وعلته قيس ؛ فإنه ضعيف لسوء حفظه "انتهي.


*حديث: لما توفي أبو طالب خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ماشيا على قدميه ، قال : فدعاهم إلى الإسلام ، قال : فلم يجيبوه ، قال فانصرف ، فأتى ظل شجرة ، فصلى ركعتين ثم قال :( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس ، أرحم الراحمين أنت ؛ ارحمني ، إلى من تكلني ؟ إلى عدو يتجهمني ، أم إلى قريب ملكته أمري ؟ إن لم تكن غضبانا علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك ) .
"الضعيفة"(6/487) حديث رقم :(2933): وقال -رحمه الله- مخرجا: رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 13/73/181 ) ، وعنه الضياء في " المختارة " ( 56/128/1 - 2 ) ، وابن عدي ( 284/2 ) ، وعنه ابن عساكر ( 14/178/2 )...": ضعيف وبين  سبب ضعفه قائلا:
"قلت : وهذا إسناد ضعيف رجاله ثقات ، وعلته عنعنة ابن إسحاق عند الجميع ؛ وهو مدلس ، ولم يسق إسناده في " السيرة " وإنما قال ( 2/61 ) :
" فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - فيما ذكر لي - : اللهم إليك أشكو ... " .
والحديث قال في " المجمع " ( 6/35 ) :
" رواه الطبراني ، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ثقة ، وبقية رجاله ثقات " .
من طريق ابن إسحاق معنعنا أخرجه أيضا الأصبهاني في " الحجة " ( ق 166/2 ) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " ( 2/82 ) "انتهي.


*حديث :( أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا البحر أن يقولوا : ( بسم الله مجراها ومرساها ) الآية ، ( وما قدروا الله حق قدره ) الآية ) .
"الضعيفة" (6/485) حديث :(2932): موضوع .


ونقول: في الصحيح غينة عن الضعيف، وفي التزامه الخير والبركة والكفاية.



الخميس، 23 أغسطس 2012

من روائع مناظرات السلف :خضوع للحق وتواضع للخلق

قال الامام الألباني-رحمه الله-في "الضعيفة"(4/193-194) عند كلامه على الحديث رقم(1700) ولفظه: " اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته " ، وبعد بيان أنه " ضعيف جدا " :
"هذا ، ولعل أصل الحديث موقوف ، فرفعه كثير(اى: ابن عبدالله ) عمدا أوخطأ ، فقد رأيت الشطر الأول منه من قول معاذ بن جبل رضي الله عنه ، في مناقشة هادئة رائعة بين ابن مسعود وأبي مسلم الخولاني التابعي الجليل ، لا بأس من ذكرها لما فيها من علم وخلق كريم ، ما أحوجنا إليه في مناظراتنا ومجادلاتنا ، وأن المنصف لا يضيق ذرعا مهما علا وسما إذا وجه إليه سؤال أو أكثر في سبيل بيان الحق ، فأخرج الطبراني في " مسند الشاميين " ( ص 298 ) بسند جيد عن الخولاني : أنه قدم العراق فجلس إلى رفقة فيها ابن مسعود ، فتذاكروا الإيمان ، فقلت : أنا مؤمن .
 فقال ابن مسعود : أتشهد أنك في الجنة ؟
 فقلت : لا أدري مما يحدث الليل والنهار .
فقال ابن مسعود : لو شهدت أني مؤمن لشهدت أني في الجنة . قال أبو مسلم : فقلت : يا ابن مسعود ! ألم تعلم أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أصناف : مؤمن السريرة مؤمن العلانية ، كافر السريرة كافر العلانية ، مؤمن العلانية كافر السريرة ؟
 قال : نعم .
 قلت : فمن أيهم أنت ؟
 قال : أنا مؤمن السريرة مؤمن العلانية .
 قال أبو مسلم : قلت : وقد أنزل الله عز وجل : { هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن } ، فمن أي الصنفين أنت ؟
 قال : أنا مؤمن .
 قلت : صلى الله على معاذ . 
قال : وما له ؟
 قلت : كان يقول : " اتقوا زلة الحكيم " . وهذه منك زلة يا ابن مسعود !
فقال : أستغفر الله .

 وأقول : رضي الله عن ابن مسعود ما أجمل إنصافه ، وأشد تواضعه ، لكن يبدو لي أنه لا خلاف بينهما في الحقيقة ، فابن مسعود نظر إلى المآل ، ولذلك وافقه عليه أبو مسلم ، وهذا نظر إلى الحال ، ولهذا وافقه ابن مسعود ، وأما استغفاره ، فالظاهر أنه نظر إلى استنكاره على أبي مسلم كان عاما فيما يبدو من ظاهر كلامه . والله أعلم " انتهى . 

السبت، 18 أغسطس 2012

أنموذج رائع في التمسك بالسنة...من (خير الناس)

فعن جرير بن عبدالله البجلي -رضي الله عنه- يقول :" بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم "(1) .
و مما يتعلق بحديث جرير : منقبة ومكرمة لجرير -رضي الله عنه -رواها الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده حاصلها أن جريرا أمر مولاه أن يشتري له فرسا فاشترى له فرسا بثلثمائة درهم وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن فقال جرير لصاحب الفرس : فرسك خير من ثلثمائة درهم أتبيعه بأربعمائة درهم قال ذلك إليك يا أبى عبدالله, فقال فرسك خير من ذلك أتبيعه بخمسمائة درهم , ثم لم يزل يزيده مائة فمائة وصاحبه يرضى وجرير يقول : فرسك خير إلى أن بلغ ثمائمائة درهم , فاشتراه بها فقيل له في ذلك فقال : إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم (2).
وكان -رضي الله عنه -إذا اشترى شيئا أو باعه , قال لصاحبه : اعلم أن ما أخذنامنك أحب إلينا مما أعطيناك فاختر (3).
(1) متفق عليه أخرجه البخاري(1/166) ومسلم (1/39) واللفظ له .
(2) ذكرها النووي في شرحه على صحيح مسلم والحافظ في الفتح وسكت عليها وهي في معجم الطبراني الكبير(2/334) برقم 2395 وقال محقق المعجم وهو حديث صحيح. 
(3) أخرجه أبوداود في السنن برقم 4945 والطبراني في المعجم الكبير برقم 2414 وقال عنه الألباني رحمه الله صحيح الاسناد. 

نقلا من(المنهج الصحيح)

الأربعاء، 15 أغسطس 2012

من نفائس التقريظات : تقريظ الامام بن باز-رحمه الله- على فتوى ( فتنة التكفير للامام الألبانى-رحمه الله- )


تقريظ سماحة العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله -:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد؛  فقد اطلعت على الجواب المفيد الذي تفضل به صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصرالدين الألباني -وفقه الله-، المنشور في صحيفة المسلمون، الذي أجاب به فضيلته من سأله عن: " تكفير من حكم بغير ما أنزل الله من غير تفصيل ".
 فألفيتها كلمة قيمة أصاب فيها الحق، وسلك فيها سبيل المؤمنين، وأوضح وفقه الله أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يُكَفّرَ من حكم بغير ما أنزل الله بمجرد الفعل من دون أن يعلم أنه استحل ذلك بقلبه، واحتج بما جاء في ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- وعن غيره من سلف الأمة.
 ولاشك أن ما ذكره في جوابه في تفسير قوله تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، و { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون }، و: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقونهو الصواب.
 وقد أوضح أن الكفر كفران: أكبر وأصغر، كما أن الظلم ظلمان، وهكذا الفسق فسقان: أكبر وأصغر. فمن استحل الحكم بغير ما أنزل الله، أو الزنى، أو الربا، أو غيرها من المحرمات المجمع على تحريمها فقد كفر كفراً أكبر، وظلم ظلماً أكبر، وفسق فسقاً أكبر، ومن فعلها بدون استحلال كان كفره كفراً أصغر، وظلمه ظلماً أصغر، وهكذا فسقه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " أراد بهذا صلى الله عليه و سلم الفسق الأصغر، والكفر الأصغر، وأطلق العبارة تنفيراً من هذا العمل المنكر.
 وهكذا قوله صلى الله عليه و سلم: " اثنتان في الناس هما بهما كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت " أخرجه مسلم في صحيحه،
 وقوله صلى الله عليه و سلم: " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " أخرجه البخاري ومسلم من حديث جرير رضي الله عنه،
 والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
 فالواجب على كل مسلم ولا سيما أهل العلم التثبت في الأمور، والحكم فيها على ضوء الكتاب والسنة، وطريق سلف الأمة والحذر من السبيل الوخيم الذي سلكه الكثير من الناس لإطلاق الأحكام وعدم التفصيل.
 وعلى أهل العلم أن يعتنوا بالدعوة إلى الله سبحانه بالتفصيل، وإيضاح الإسلام للناس بأدلته من الكتاب والسنة، وترغيبهم في الاستقامة عليه، والتواصي والنصح في ذلك مع الترهيب من كل ما يخالف أحكام الإسلام
وبذلك يكونون قد سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه و سلم، ومسلك خلفائه الراشدين وصحابته المرضيين في إيضاح سبيل الحق، والإرشاد إليه، والتحذير مما يخالفه عملاً بقول الله سبحانه: { ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين }. وقوله عز وجل: { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }. وقوله سبحانه: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالّتي هي أحسن }.
 وقول النبي صلى الله عليه و سلم: " من دل على خير فله مثل أجر فاعله "، وقوله صلى الله عليه و سلم: " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً ".
 وقول النبي صلى الله عليه و سلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى اليهود في خيبر: " ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم " متفق على صحته. 
وقد مكث النبي صلى الله عليه و سلم في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى توحيد الله، والدخول في الإسلام بالنصح والحكمة والصبر والأسلوب الحسن، حتى هدى الله على يديه وعلى يد أصحابه من سبقت له السعادة، ثم هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، واستمر في دعوته إلى الله سبحانه، هو وأصحابه -رضي الله عنهم-، بالحكمة والموعظة الحسنة، والصبر والجدال بالتي هي أحسن، حتى شرع الله له الجهاد بالسيف للكفار، فقام بذلك عليه الصلاة والسلام هو وأصحابه -رضي الله عنهم -أكمل قيام، فأيدهم الله ونصرهم وجعل لهم العاقبة الحميدة. وهكذا يكون النصر وحسن العاقبة لمن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم إلى يوم القيامة، والله المسؤول أن يجعلنا وسائر إخواننا في الله من أتباعهم بإحسان، وأن يرزقنا وجميع إخواننا الدعاة إلى الله البصيرة النافذة والعمل الصالح، والصبر على الحق حتى نلقاه سبحانه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

الثلاثاء، 14 أغسطس 2012

من روائع التفسير:أعظم الفرح

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي-رحمه الله-في تفسيره الماتع النافع (تيسير الكريم الرحمن) عند تفسير قوله تعالى:{ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14)}سورة البروج :

  " {وَهُوَ الْغَفُورُ } الذي يغفر الذنوب جميعها لمن تاب، ويعفو عن السيئات لمن استغفره وأناب.
  {الْوَدُودُ } الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال، والمعاني والأفعال، فمحبته في قلوب خواص خلقه، التابعة لذلك، لا يشبهها شيء من أنواع المحاب، ولهذا كانت محبته أصل العبودية، وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها، وإن لم يكن غيرها تبعًا لها، كانت عذابًا على أهلها، وهو تعالى الودود، الواد لأحبابه، كما قال تعالى: { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }والمودة هي المحبة الصافية، وفي هذا سر لطيف، حيث قرن ( الودود ) بالغفور، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم،
 فلا يقال: بل تغفر ذنوبهم، ولا يرجع إليهم الود، كما قاله بعض الغالطين.
بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب، من رجل له راحلة، عليها طعامه وشرابه وما يصلحه، فأضلها في أرض فلاة مهلكة، فأيس منها، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت، فبينما هو على تلك الحال، إذا راحلته على رأسه، فأخذ بخطامها، فالله أعظم فرحًا بتوبة العبد من هذا براحلته، وهذا أعظم فرح يقدر.
فلله الحمد والثناء، وصفو الوداد، ما أعظم بره، وأكثر خيره، وأغزر إحسانه، وأوسع امتنانه "انتهى

الاثنين، 13 أغسطس 2012

من روائع المقالات: لا يجوز إحياء الآثار.. للعلامة صالح الفوزان-حفظه الله-


    قرأت في صحيفة الرياض الصادرة يوم الاثنين 18 رمضان مقابلة مع الدكتور ناصر بن مسفر الزهراني حول إقامة مدينة (السلام عليك يا رسول الله) بين مكة وجدة على مساحة مليون متر مربع، المشروع يحتوي على 1500 قطعة تحكي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة وبطريقة حديثة، وأن المشروع بعد تدشينه ستفتح أبوابه للزائرين 24 ساعة ويستوعب 500 زائر في الساعة إلى آخر ما جاء من وصف المشروع وأنه يحتوي على محاكاة لحلي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم والجبة والصاع والمد وأنواع الأثاث والسلاح والمكاييل والعملات وأنواع الطعام والشراب – إلخ.
وهذا العمل لا يجوز لعدة محاذير منها:
أن هذا خلاف ما أمرنا به من العمل بسنته لأنه يشغل عن ذلك فهو استبدال الغير المشروع بالمشروع لأنه لا يجمع العمل بالشيء مع العمل بضده.
أن هذا خلاف ما نهينا عنه فهو إحياء للبدع وترك للسنن فهو عمل محدث وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، وفي رواية: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة".
أن هذا الشيء لم يفعله الصحابة والتابعون ومن أتبعهم بإحسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".
أن هذه الأشكال التي تقام في هذا المعرض ليست هي الأدوات التي كان يستخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما هي أشكال صنعت حديثا ففي هذا تمويه على الناس.
وكون بعض الصحابة يتبركون بأواني الرسول وملابسه التي لامست جسمه الشرف إنما هو بأعيان تلك الأواني والملابس لا بما يشبهها بالشكل لأنه يفقد المعنى وهو ملامسة جسم النبي صلى الله عليه وسلم.
أن إيجاد هذه الأشياء فيه وسيلة إلى الشرك لأن الجهال من الناس سيتعلقون بها لكونها نسبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان وسيلة إلى الشرك فهو محرم على قاعدة سد الذرائع.
أن هذا سيصرف العوام عن التوجه إلى مكة والمشاعر أو يقلل من أهميتها عندهم لأن كثيرا من النفوس يميل إلى البدعة ويتعلق بها ويترك السنة وما كان صارفا عن السنة فهو محرم.
إن هذه البلاد – بلاد الحرمين – هي بلاد التوحيد يجب أن تطهر من الشرك ووسائله قال الله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، وقال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ).
ولس هناك مبررات لهذا العمل تقابل المحاذير المترتبة عليه، وقول إن هذا العمل فيه توضيح للمسميات الواردة في السنة نقول عنه إن توضيح هذه المسميات يؤخذ من شروح الأحاديث ومفردات اللغة العربية فلا حاجة إلى وضع مجسمات يزعم أنها توضحها مع ما يترتب على ذلك من المحاذير المذكورة وما هو أعظم منها – وعلى كل حال يسعنا ما وسع السلف الصالح.
اقتطاع الأراضي الواسعة لإقامة هذا المشروع وإنفاق الأموال الطائلة لتمويله جهد ضائع فلو وزعت هذه الأراضي مساكن للفقراء وأنفقت هذه الأموال في تعميرها لهم لكان ذلك سدا لحاجة المحتاجين ووضع للمال في موضعه الصحيح.
فالمؤمل في ولاة أمورنا وفقهم الله وقف هذا المشروع لما فيه من المحاذير حماية للعقيدة من الشرك ووسائله كما عهدناه منها، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
جريدة الرياض

الجمعة، 10 أغسطس 2012

هل ثبت التفريق بين صلاة التروايح والتهجد في العشر الأواخر عن السلف


بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه



أما بعد :

فمما اشتهر في هذه الأعصار التفريق بين صلاة التراويح وصلاة القيام في رمضان في الإسم والحقيقة !
فتجد أن الناس يصلون في أول عشرين ليلة صلاة التراويح ، ثم في العشر الأواخر يصلون صلاة القيام حتى إذا قلت أنا ذاهب أصلي التراويح في العشر ربما سخر منه بعض الناس وقالوا :
" هذه أيام قيام وليست أيام تراويح " !
وصلاة التراويح على النسق الموجود الآن تختلف عن صلاة القيام من ثلاثة أوجه :

الأول : الإسم 
الثاني : وقت الصلاة فالتراويح تصلى أول الليل والقيام يصلى آخر الليل 
الثالث : صفة القراءة فالقراءة في القيام أطول منها في التراويح 


والسؤال هنا :



هل ثبت هذا التفريق بأوجهه الثلاثة عند السلف ؟


أما التفريق في التسمية فلا أصل له عند السلف ، فالصلاة التي يجتمع لها عند السلف هي التراويح وهي القيام 
وإنما تسمى صلاة القيام إذا كان المصلي منفرداً ، ولا تسمى التراويح إلا عند الإجتماع وكذلك تسمى القيام 

سئل الإمام ابن باز ما هو الفرق بين صلاة التراويح والقيام والتهجد ؟ أفتونا مأجورين ...

ج :الصلاة في الليل تسمى تهجدا وتسمى قيام الليل ، كما قال الله تعالى : {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ } وقال سبحانه :{ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلًا } وقال سبحانه في سورة الذاريات عن عباده المتقين : { آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}

أما التراويح فهي تطلق عند العلماء على قيام الليل في رمضان أول الليل مع مراعاة التخفيف وعدمالإطالة ويجوز أن تسمى تهجداً وأن تسمى قياماً لليل ولا مشاحة في ذلك والله الموفق . اهـ
المصدر :من الأسئلة الموجهة من [ المجلة العربية ] .

وأما التفريق من جهة الوقت ، فهذا أكثر إشكالاً ، ولكي يتبين محل الإشكال نسأل عدة أسئلة : 

السؤال الأول : متى قام النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى بالناس ومتى قام أصحابه ؟

أما النبي صلى الله عليه وسلم 
فعن أبي ذر ، قال :[
صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى إذا
كانت ليلة أربع وعشرين السابع مما يبقى صلى بنا حتى كاد أن يذهب ثلث الليل
، فلما كانت ليلة خمس وعشرين لم يصل بنا ، فلما كانت ليلة ست وعشرين الخامسة ، مما يبقى صلى بنا حتى كاد أن يذهب شطر الليل ، فقلت : يا رسول الله ، لو نفلتنا بقية ليلتنا ؟ فقال : لا ، إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة فلما كانت ليلة سبع وعشرين لم يصل بنا ، فلما كانت ليلة ثمان وعشرين ، أظنه ، قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أهله واجتمع له الناس فصلى بنا حتى كاد أن يفوتنا الفلاح ، ثم يا ابن أخي لم يصل بنا شيئا من الشهر ، قال : والفلاح السحور ]

رواه أبو داود [ 1375 ] والترمذي [ 803 ] وابن خزيمة بنحوه [ 2206 ] بسندٍ صحيح. 

أقول : هذا نص صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قام أول الليل فقوله :[ صلى بنا حتى كاد يذهب شطر الليل ] واضح في أنه صلى قبل شطر الليل وهو ثلث الليل الأول ، وهذه الرواية صريحة في أنه قام في العشر الأواخر أول الليل ، على خلاف صنيع الناس اليوم ، ومن أراد تحري سنة النبي صلى الله عليه وسلم فلينوع في طول القيام في هذه الليال ، ومن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل كله استدلالاً بحديث شد المئزر فقد غلط ، أو يكون ذلك ما إذا كان منفرداً ، وأما الصلاة فلها شأنٌ آخر .

ومعنى [ أحيا ليله كله ] إما أن يحمل على قيام معظم الليل ، أو الإحياء بالذكر مع الصلاة , ذكر هذين الوجهين شيخ الإسلام كما في [ مختصر الفتاوى المصرية ص84 ] .
وهذه الأوجه إنما وجدت لقوله صلى الله عليه وسلم عن نفسه [وأصلي وأرقد] رواه البخاري .
أو يحمل على حاله في الإنفراد 

وأما الصحابة فعملهم على القيام أول الليل طوال الشهر دون تخصيص العشر بشيء من التأخير : 


قال البخاري [1906 ] وعن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال :
[ خرجت
مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع
متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني
أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب
ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه
والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون
أوله
] .


أقول : هذا معلق وموصول بإسنادٍ صحيح في عدد من الكتب منها الموطأ لمالك وتأمل قوله : [ وكان الناس يقومون أوله ] ، فدل على أن فعل الصحابة الراتب هو القيام في أول سواءً في العشر الأخيرة أو غيرها ،
وما كان يقوم آخر الليل إلا المنفرد وما ثبت عنهم أنهم قاموا آخر الليل جماعة :

وجاء في مسائل أبي داود [ ص 90 ط مكتبة ابن تيمية ] :
قيل لأحمد وأنا أسمع : يؤخر القيام  يعني التراويح  إلى آخر الليل ؟ 
قال : لا , سنة المسلمين أحبُ إلي . أهــ

أقول : هذا تنصيص من الإمام أحمد على أن سنة المسلمين في القرون الفاضلة تقديم القيام أول الليل .
فأقل ما يقال في تأخير القيام أنه خلاف فعل الصحابة والتابعين ، وأما التأخير الراتب وتخصيصه بالعشر الأواخر أشد .

وقال ابن القيم في بدائع الفوائد [4/918 ]:" واختلف قوله - يعني أحمد - في
تأخير التراويح إلى آخر الليل فعنه إن أخروا القيام إلى آخر الليل فلا بأس
به كما قال عمر فإن الساعة التي تنامون عنا أفضل ولأنه يحصل قيام بعد رقدة
وقال الله تعالى 
{ إن ناشئة الليل ...} الآية 

وروى عنه
أبو داود لا يؤخر القيام إلى آخر الليل سنة المسلمين أحب إلى وجهه فعل
الصحابة ويحمل قول عمر على الترغيب في الصلاة آخر الليل ليواصلوا قيامهم
إلى آخر الليل لا أنهم يؤخرونها ولهذا أمر عمر من يصلي بهم أول الليل .

قال القاضي : قلت ولأن في التأخير تعريضا بأن يفوت كثيرا من الناس هذه الصلاة لغلبة النوم القيام"انتهى

أقول : هذا تنصيص من الإمام ابن القيم على أن الصحابة قاموا أول الليل ولا تفريق ، وأما كلمة عمر فتحمل على المنفرد ، ونص أحمد الآخر يحمل على مجرد الجواز على أن الفعل في نفسه فاضل .
علماً بأن أحمد لم يفرق بين العشر الأخيرة وغيرها .
أو أنه أراد المنفرد كما أراد عمر ، والعلة التي ذكرها ابن القيم في تفضيل التراويح أول الليل يشمل الشهر، كما أن فتيا أحمد هنا باعتبار الأرفق بالناس لا باعتبار تخصيص العشر بشيء دون غيرها لذا لم يفرق .
ولا يقال أن بعض التابعين أجاز صلاة القيام في أي وقتٍ للرفق بالناس .
فهذا لا يدل على فعل الناس اليوم ، فهم لا يراعون الأرفق بل يخصصون ذلك بالعشر الأواخر بآخر الليل ولو كان أشق على الناس .
بل إن المشقة حاصلة على طلاب المدارس والموظفين في القيام آخر الليل ،
وقد عالج بعضهم هذا بعمل محدث آخر وهو أنهم أصبحوا يصلون التراويح أول
الليل ولا يوترون ثم في عين المسجد وفي الليلة مثلها يصلون القيام آخر
الليل 
، وهذا لم يكن من فعل السلف أيضاً ، بل كلام ابن القيم السابق يدل على أن تأخيرها على آخر الليل أشق لغلبة النوم على الناس ، بل كثيرٌ من الناس في هذه الأعصار يفوتون صلاة الظهر بسبب هذا القيام !!

وذكر المروزي في قيام الليل عن عمران بن حدير رحمه الله : أرسلت إلى الحسن رحمه الله فسألته عن صلاة العشاء في رمضان أنصلي ، ثم نرجع إلى بيوتنا فننام ، ثم نعود بعد ذلك ؟
فأبى ، قال : لا ، صلاة العشاء ثم القيام . 

أقول : فنصص على أن القيام كان بعد العشاء وقبل النوم وهذا فعل السلف قاطبةً خلافاً للناس اليوم في العشر الأواخر .
وقال شيخ الإسلام كما في [ مختصر الفتاوى للبعلي ص81 ] :" والتراويح سنة بعد العشاء " ، كذا مطلقاً دون تفريق .
وقال كما في مجموع الفتاوى [ 23 /119]:"السنة في التراويح أن تصلى بعد العشاء الآخرة كما اتفق على ذلك السلف والأئمة "
وقد وجدت في كلام بعض الأئمة الحنابلة التنصيص على أن صلاتها في أول الليل أفضل ، بل يفهم من كلام بعضهم كراهية تأخيرها : 

قال المرداوي في الإنصاف [ 3/116] :" وأفتى بعض المتأخرين من الأصحاب بجوازها قبل العشاء ، وقال الشيخ تقي الدين : من صلاها قبل العشاء فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة .
ومنها : فعلها أول الليل أفضل : أطلقه في الفروع فقال فعلها أول الليل أحب إلى أحمد .
وقال ابن تميم : إلا بمكة فلا بأس بتأخيرها ، وقال في الرعاية : ولا يكره تأخيرها بمكة .
وليس ذلك منافيا لما في الفروع ، ومنها : فعلها في المسجد أفضل جزم به في المستوعب وغيره "اهــ

أقول : قوله في الرعاية :" ولا يكره تأخيرها بمكة " يفهم منه أنه يكره تأخيرها في غير مكة ، والتفريق بين مكة وغيرها لا أدري ما وجهه ؟ .
والكراهة اليوم تستفاد من مخالفة الإتباع ومن المشقة على الناس
وقال في [ كشاف القناع ] :" [ و ] فعلها [ أول الليل أفضل ] ؛ لأن الناس كانوا يقومون على عهد عمر أوله "اهــ
وفي [ فتح المعين للمليباري الشافعي] :" وينوي بها التراويح أو قيام رمضان، وفعلها أول الوقت أفضل من فعلها أثناءه بعد النوم، خلافا لما وهمه الحليمي "

قلت : وأما من ذهب إلى استحباب تأخيرها إلى ثلث الليل أو نصفه ، فلا يسعفه الدليل أولاً .
ولم يخصص ذلك بالعشر الأواخر ثانياً , بل عممه على جميع الشهر .
ومن استحب تأخيرها إلى نصف الليل جعلها تبعاً للعشاء لهذا كره صلاتها بعد النصف 
[ وهو فعل الناس اليوم ] طرداً لقياسه .

وقال في [ مجمع الأنهر من كتب الحنفية ] :" والمستحب فعلها إلى ثلث الليل وقيل بعد العشاء قبل الوتر وهو قول عامة المشايخ .
لأنها إنما عرفت بفعل الصحابة فكان وقتها ما صلوها فيه وهو صلوها بعد العشاء قبل الوتر"اهــ

أقول : تأمل قوله :[ إنما عرفت بفعل الصحابة فكان وقتها ما صلوها فيه ] وما فيه من الفقه.

وقال عبد الرزاق [7739] عن معمر عن مطر عن الحسن قال كان الناس يقومون في رمضان فيصلون العشاء حين يذهب ربع الليل وينصرفون وعليهم ربع آخر .
أقول : هذا صريحٌ في أنهم يقومون أول الليل ولكنهم يطيلون حتى يصيبوا الثلث الأخير من الليل .
والإطالة ليست راجعةً إلى التطويل في القراءة فقط .
بل راجعةٌ أيضاً إلى الركوع والسجود وطول الإستراحة بين الترويحات حتى الفقهاء الأوائل مسألة التطوع بين الترويحات .
وصلاة القيام أو التراويح آخر الليل مظنة تقصير مخافة عدم إدراك السحور .
ومما يدل على التطويل بين الترويحات ما قاله [ بحير بن ريسان ]: رأيت عبادة بن الصامت رضي الله عنه يزجر أناسا يصلون بعد تراويح الإمام في رمضان ، فلما أبوا أن يطيعوه قام إليهم فضربهم .رواه المروزي في قيام الليل . 
واعلم أن مد الصلاة إلى ثلث الليل الآخر شيء ، وابتداؤها من ثلث الليل الآخر شيء آخر فالأول ثبت من فعل السلف والثاني لم يثبت البتة .

فإن قيل : إنهم يتحرون ساعة الإجابة .
أقول : النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أولى بهذا الفضل لو كان فيه فضلاً .
فأين الصحابة والتابعون عن هذا الفقه ؟
ثم يقال : لماذا يتحرون هذه الساعة في العشر الأواخر ولا يتحرونها في بقية الشهر ؟
ويقال أيضاً: أن فضل قيام الثلث الأخير من الليل يدركه من قام مع الإمام حتى ينصرف .
كما في الحديث :[ إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ]
والأهم من ذلك كله أن الصحابة لم يكونوا يتحرون القيام آخر الليل في العشر الأواخر ، وهم أفقه الناس، وأحرص الناس على الخير .
وإن قالوا : نتحرى ليلة القدر 

قلنا : ليلة القدر تبدأ من المغرب ، ومن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة .
والصحابة وهم أحرص الناس على الخير لم يتحروا هذا التحري ؟!
وروى المروزي في قيام الليل عن عبد الله بن عمرو : من صلى العشاء الآخرة أصاب ليلة القدر .
وعن الضحاك : من صلى المغرب والعشاء في مسجد جماعة في رمضان فقد أصاب من ليلة القدر حظا وافيا
والله أعلم بصحة الأثرين إذ لم أجد لهما إسناداً. 

وأما إطالة القراءة في القيام دون التراويح ، فهذا أيضاً لا أصل له تخصيصاً .
وربما استدلوا له بالحث على الإكثار من الطاعات في العشر الأواخر .
ومعيار فهم النصوص العامة تطبيق الصحابة لها .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قصر القراءة في بعض ليالي العشر دون بعض كما في حديث أبي ذر الآنف الذكر

قال ابن أبي شيبة في [ المصنف] حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أبي عثمان قال :
دعا عمر القراء في رمضان فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية والوسط خمسا وعشرين آية والبطيء عشرين آية . 
وقال عبد الرزاق في المصنف [7732 ] عن الثوري عن القاسم عن أبي عثمان قال :
أمر عمر بثلاثة قراء يقرؤون في رمضان فأمر أسرعهم أن يقرأ بثلاثين آية وأمر أوسطهم أن يقرأ بخمس وعشرين وأمر أدناهم أن يقرأ بعشرين , قال الثوري وكان القراء يجتمعون في ثلاث في رمضان .

أقول : وإسناده قوي وعاصم هو ابن سليمان الأحول وأبو عثمان هو النهدي عبد الرحمن بن مل .
وعمر هنا لم يفرق بين العشر الأواخر وغيرها .
وكذا عامة الآثار التي أوردها ابن أبي شيبة عن السلف ليس فيها التفريق 
وقد عقد المروزي فصلاً في رسالة قيام الليل في قدر القراءة وما ذكر عن أحدٍ من السلف التفريق بين أول الشهر وآخره .

وقال عبد الرزاق [7749] عن
الثوري عن إسماعيل بن عبد الملك قال كان سعيد بن جبير يؤمنا في شهر رمضان
فكان يقرأ بالقراءتين جميعا يقرأ ليلة بقراءة بن مسعود فكان يصلي خمس
ترويحات فإذا كان العشر الأواخر صلى ست ترويحات . 

أقول : إسماعيل ضعيف تكلموا حتى في فهمه ، وليس في الأثر ما يدل على أفعال الناس اليوم فليس فيه التأخير إلى آخر الليل ، ولا التطويل بالقراءة بل فيه زيادة ركعتين فقط وهذا لا يفعلونه اليوم .
والإستدلال
بحديث شد المئزر لا يستقيم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام بأصحابه
لم يقم بهم الليل كله وما تحرى آخر الليل ولا حتى أصحابه 
, ثم إن صلاة الرجل بالناس غير صلاته بنفسه .
فلعل العلة في قيامهم أول الليل التخفيف على الناس .
قال ابن نصر المروزي في [ قيام رمضان ص 9 ]: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا عفان ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس رضي الله عنه :[ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان ، فجئت فقمت إلى جنبه ثم جاء آخر ثم جاء آخر ، حتى كنا رهطا فلما أحس رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا خلفه تجوز في الصلاة ثم دخل منزله ؟ فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا ، فلما أصبحنا ، قلنا : يا رسول الله أو فطنت لنا البارحة ؟ فقال : نعم ، وذاك الذي حملني على ما صنعت]
قلت : تأمل قوله [ فلما أحس بنا تجوز] ، والحديث رواه أحمد أيضاً وهو صحيح .
ثم إذا كان بعض الإخوة ينكر الزيادة على إحدى ، عشر ركعةً ، مع جواز ذلك عند جماهير أهل العلم وثبوته عن عدد من التابعين ، فإنكار هذا الفعل الذي لم يثبت عن أحدٍ من السلف بهذه الصورة أولى .
وما جاء عن خارجة بن زيد : أن زيد بن ثابت , كان لا يحيي ليلة من رمضان كإحيائه ليلة سبع وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين .
قال خارجة : ولا كإحيائه ليلة سبع عشرة وكان يصبح صبيحتها وعلى وجهه السجدة يعني الورم والصفرة وأثر السهر . رواه المروزي في قيام الليل 
فهذا أولاً , لا يعلم صحته ، وإن ثبت فقد خصص ليلةً واحدة وليس العشر كلها !، وهو منفرد وليس في جماعة ، وليس فيه أنه بدأ القيام آخر الليل بل الظاهر أنه يقوم من أول الليل حتى يبلغ آخره .
وأما الإستدلال بالتعقيب [ وهو الرجوع إلى المسجد بعد انقضاء الصلاة ] ، فهذا كرهه جماعة من السلف .
ومن أثبته لم يثبت فيه صلاة جماعة أخرى غير التي انقضت ، ولم يخصص ذلك بالعشر الأواخر .
علماً بأن أثر أنس في جواز التعقيب عند ابن أبي شيبة [ 2/291 ] في سنده عباد بن العوام يروي عن سعيد بن أبي عروبة وقد تكلم الإمام أحمد في روايته عن سعيد فقال :"مضطرب الحديث عن سعيد بن أبي عروبة "
ذكره المزي في ترجمة عباد من تهذيب الكمال 




وأقول أخيراً :



[ أقل ما يقال في هذا التفريق أنه ليس من فعل السلف ]
كتبه بعض الأفاض

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...