الخميس، 29 مارس 2012

أصل محكم فى رد البدع والمحدثات

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (4/165) عند تفسير قوله تعالي:{وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ( 11 ) }الأحقاف:


"أي : قالوا عن المؤمنين بالقرآن : لو كان القرآن خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه . يعنون بلالا وعمارا وصهيبا وخبابا وأشباههم وأقرانهم من المستضعفين والعبيد والإماء ، وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية . وقد غلطوا في ذلك غلطا فاحشا ، وأخطئوا خطأ بينا ، كما قال تعالى : ( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) [ الأنعام : 53 ] أي : يتعجبون : كيف اهتدى هؤلاء دوننا ; ولهذا قالوا : ( لو كان خيرا ما سبقونا إليه ) وأما أهل السنة والجماعة فيقولون: في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ; لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ؛ لأنهم  لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها "انتهى.

همة عالية..وجلد عجيب....رحمك الله يا محدث العصر

جاء في مقدمة المجلد السادس "الضعيفة" للامام الألباني -رحمه الله-(6/3-4) ، بقلم أبنته أم عبدالله-حفظها الله-عند كلامها عن مرضه -رحمه الله-الذي مات فيه ، في معرض حديثها عن مراجعة الشيخ -رحمه الله- للمجلد السادس والسابع المراجعة الاخيرة ، قبل الطبع :
" ثم فاجأه المرض، ونال منه ما نال، واستمر به بين شدّة واستقرار، وكان- شفاه الله وقواه، ومتعنا به ومتعه بقواه- يستغل كل وقت يجد في نفسه شيئاً من قوة لينصرف إلى متابعة عمله في التحقيق والتأليف، وكنت آنست منه فترة طيبة من نشاط وهمة، فعرضت عليه أن يطلع على المئة الأولى من هذا المجلد قدر استطاعته، ولو كان يسيراً، فقام- والحمد لله- بمراجعتها كما يفعل دائماً ودائماً في مَدد لا ينتهي مهما قدمنا له من تجارب متتابعة، ومدّه الله بتوفيقه، وبارك له في وقته، فأضاف عليها إضافات هامة، وهكذا... كلما أنهى مئة أعطيته التالية حتى أتم هذا المجلد، ثم بدأ بالمجلد للسابع حتى وقف عند بداية المئة للرابعة، ولا زلت أنتظر فرصة ليُتمَه كاملا- إن شاء الله- وقد رافق ذلك الجهد فترات من ضعف وقوة، كنا بين مشفقين عليه داعين له بالشفاء والعافية، و بين مغتبطين لعمله وممارسته له؛ لعلمنا بشغفه به وإخلاصه له.
ئم زاده المرض وهناً- جعله الله طهوراً- فانقطع فترة، رغم أنه ما فَتِىء يحاول الاستفادة من أي سانحة يجد فيها بعض النشاط- حتى لو كانت خمس دقائق، لا بل حتى لو كانت جملة أو كلمة كان قد وقف عندها، فيجلس ليتمها- متحاملاً على ضعفه وأوجاعه...

وحتى لا أمضي في للسرد بعيدا، أعود لأقول:
إن معظم أحاديث هذا المجلد وغيره مما سيليه قد مضى على تخريجه وكتابته سنوات طويلة ربما جاوزت أربعين سنة! ومع أن الوالد الكريم كان دوماً في مراجعة مستمرة للأحاديث للتي صنفها بقسميها "الصحيح " و " الضعيف "، وتقليب دائم للأوراق والكتب في بحثه وتحقيقه وإضافة تعليقاته في كل ما يستجد عنده من توابع هذا العلم الشريف، إلا أنه وكما هو معلوم عند جميع طلاب للعلم، وكما نسمع من الوالد دائماً:
(العلم لا يقبل الجمود) ، ومثله ما سمعت منه مرات عدة في جلساتي معه، حين يصل إلى فك رموز مسألة، أو حل معضلة... يقول وعيناه أدمعهما الأسى وللسرور معاً:
(الله أكبر.. كيف يقول البعض: إن علم الحديث قد نضج واحترق؟!!!) .
لذا، ما انفكَّ الوالد يزيد في هذا العلم ويستزيد، متتبعا في عالم المطبوعات في هذا المجال كل جديد، إذ إنه- وكما يذكر غالبا في مقدمات مؤلفاته الجديدة أن كثيرا من الأصول والمصنفات التي كانت من أهم مراجعه لسنوات طويلة ماضية، والتي كانت مخطوطة أو محالاً عليها من بعض المصنفين القدامى، ومن جاء بعدهم، والذين كثيرا ما كان يعتمد عليهم في حكمه على الأحاديث؛ أن كثيرا منها قد طبع الآن، وظهر إلى حيز الوجود ما كان عسير المنال، لذا دأب الوالد على إعادة للنظر دوما في كل ما حققه من قبل، سواء ما كان منه عَرَضاً أثناء البحث، أم قصدا وتوجهاً، فاتسعت مساحة التحقيق، وازدادت دقة، وكان من ذلك خير عميم، وفضل كبير، والحمد لله
" .
 

حديث صحيح أغاظ أهل البدع...وعجزوا عن رده..؟!

عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ-رضي الله عنه- ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، 
فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ، وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي ، قَالَ : "  إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ ، لا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ " ، أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، 
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلامِ ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ ،
 قَالَ :" فَلا تَأْتِهِمْ
 قَالَ : وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ ،
 قَالَ :" ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ ، فَلا يَصُدَّنَّهُمْ" ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ   : فَلا يَصُدَّنَّكُمْ ،
 قَالَ : قُلْتُ : وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ ،
 قَالَ :" كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ ، فَذَاكَ
 قَالَ : وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ ، تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ ، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ ،
 قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفلا أُعْتِقُهَا ؟
 قَالَ : "ائْتِنِي بِهَا ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا
 فَقَالَ لَهَا :" أَيْنَ اللَّهُ ؟"
 قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ، 
قَالَ :" مَنْ أَنَا ؟"
 قَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ،
 قَالَ : "أَعْتِقْهَا ، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ"
أخرجه مسلم في (صحيحه) في {كتاب المساجد ومواضع الصلاة} ، والامام مالك في (المؤطا) ،وغيرهم ..وقد رام المحال ، من حاول تضعيفه...

هل الساحر يستطيع أن يجعل الكلب حماراً..؟!

 سئل الامام الألباني -رحمه الله-:
السائل :ما حد قدرة الساحر؟ أي: هل يستطيع قلب الأشياء، مثلا حيوان يقلبه إلى قط إلى كلب إلى كذا؟
الشيخ : يستطيع بالتوهيم أما في الحقيقة لا، كما جاء في قصة الدجال في آخر الزمان أنه يقطع الشخص نصفين، ويرى الناس أنه فعلاً قطعه نصفين ثم يعيده، فبعد أن يعيده يسأله: هل آمنت بي؟ فيقول: ما ازددت إلا إيماناً بأنك الدجال الأكبر الذي أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم
فالسحر في الغالب هو تخييل، لكن له تأثير، وهذا التأثير لا يُنْكِرْ بالواقع، ومن ذلك قصة اليهودي لبيد بن الأعصم ، حيث سحر الرسول عليه السلام، وظل الرسول صلى الله عليه وسلم متأثراً بسحره في ضعفه في بدنه نحو ستة أشهر، مثل هذا التأثير ممكن، أما قلب الحقائق فتوهيماً وتخييلاً، وهذا النوع يستعمله الكثير من الذين يسمون بـ (الحُوّات)، وهم مشعوذون، خاصة في مصر يوجد من هذا النوع الكثير، وكان بعض الناس يأتون منهم إلى دمشق ورأينا منهم العجب! يأخذ المائة ليرة ورقة ويشعلها أمام الناس ثم يعيدها كما كانت، والخاتم يسحبه من يدك وتراه في كف غيرك، وهكذا فإذاً: للسحر تأثيرٌ لكن لا يبلغ الأمر إلى قلب حقائق الحيوانات التي خلقها الله عز وجل"

 نقلا من(المنهج الصحيح3918)

نبوءة صادقة وعن واقعنا ناطقة..؟!


فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يكون في آخر أمتي رجال يركبون على سرج كأشباه الرحال ينزلون على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات لو كان وراءكم أمة من الأمم خدمتهن نساؤكم كما خدمكم نساء الأمم قبلكم  )
 رواه ابن حبان في صحيحه واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
قال الامام  الألباني-رحمه الله- في " السلسلة الصحيحة " 6 / 411 :
" و أنت إذا تذكرت أن ( الرحال ) جمع رحل ، و أن تفسيره كما في " المصباح المنير " و غيره : " كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع و مركب للبعير " إذا علمت هذا يتبين لك بإذن الله أن النبي صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلى هذه المركوبة التي ابتكرت في هذا العصر ، ألا و هي السيارات ، فإنها وثيرة وطيئة لينة كأشباه الرحال ، و يؤيد ذلك أنه صلى الله عليه وسلم سماها ( بيوتا ) في حديث آخر تقدم برقم ( 93 ) ، لكن تبين فيما بعد أن فيه انقطاعا . و إذا ففي الحديث معجزة علمية غيبية أخرى غير المتعلقة بالنساء الكاسيات العاريات ، ألا و هي المتعلقة برجالهن الذين يركبون السيارات ينزلون على أبواب المساجد . و لعمر الله إنها لنبوءة صادقة نشاهدها كل يوم جمعة حينما تتجمع السيارات أمام المساجد حتى ليكاد الطريق على رحبه يضيق بها ، ينزل منها رجال ليحضروا صلاة الجمعة ، و جمهورهم لا يصلون الصلوات الخمس ، أو على الأقل لا يصلونها في المساجد ، فكأنهم قنعوا من الصلوات بصلاة الجمعة ، و لذلك يتكاثرون يوم الجمعة و ينزلون بسياراتهم أمام المساجد فلا تظهر ثمرة الصلاة عليهم ، و في معاملتهم لأزواجهم و بناتهم ، فهم بحق " نساؤهم كاسيات عاريات " ! و ثمة ظاهرة أخرى ينطبق عليها الحديث تمام الانطباق ، ألا و هي التي نراها في تشييع الجنائز على السيارات في الآونة الأخيرة من هذا العصر . يركبها أقوام لا خلاق لهم من الموسرين المترفين التاركين للصلاة ، حتى إذا وقفت السيارة التي تحمل الجنازة و أدخلت المسجد للصلاة عليها ، مكث أولئك المترفون أمام المسجد في سياراتهم ، و قد ينزل عنها بعضهم ينتظرون الجنازة ليتابعوا تشييعها إلى قبرها  نفاقا اجتماعيا و مداهنة ، و ليس تعبدا و تذكرا للآخرة ، و الله المستعان . هذا هو الوجه في تأويل هذا الحديث عندي ، فإن أصبت فمن الله ، و إن أخطأت فمن نفسي ، و الله تعالى هو المسؤول أن يغفر لي خطئي و عمدي ، و كل ذلك عندي . " 
نشرها:حسن بن حامد(أبومحمد السلفي)

الفوائد والدرر المستفادة من خطبة أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه-

اخرج الامام البخاري -رحمه الله-في كتاب {الحدود} من "صحيحه" عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال: لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا ؛فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت.
 فغضب عمر ثم قال :إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم.
 قال عبد الرحمن: فقلت :يا أمير المؤمنين لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم؛ فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها؛ فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها.
 فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.
  قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل: ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف فأنكر علي وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله.
 فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد :فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي ؛ 
إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف،
 ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله :أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم . 
ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم وقولوا عبد الله ورسوله"،
 ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول: والله لو قد مات عمر بايعت فلانا ؛ فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها ، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر؛ 
  من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا ، 
وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم: أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما ، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر؛
  فقلت لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار،
  فانطلقنا نريدهم؛ فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم، فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين،
  فقلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار،
  فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم ؛
 فقلت: والله لنأتينهم،
 فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم،
 فقلت : من هذا؟
 فقالوا :هذا سعد بن عبادة ،
  فقلت :ما له ؟
قالوا :يوعك؛
 فلما جلسنا قليلا ، تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر،
 فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم ، قال أبو بكر: على رسلك فكرهت أن أغضبه؛
 فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت،
  فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح ، وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها ، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر اللهم إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن،
 فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش،
  فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف،
 فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة،
  فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة،
  فقلت: قتل الله سعد بن عبادة،
  قال عمر: وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا؛ فإما بايعناهم على ما لا نرضى ،وإما نخالفهم فيكون فساد؛
 فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا.
قال الحافظ -رحمه الله-في "الفتح" عند شرحه:
" قوله : ( في آخر حجة حجها ) يعني عمر ، كان ذلك سنة ثلاث وعشرين .

قوله : ( يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ) الرعاع بفتح الراء وبمهملتين الجهلة الرذلاء ، وقيل الشباب منهم والغوغاء بمعجمتين بينهما واو ساكنة ، أصله صغار الجراد حين يبدأ في الطيران ، ويطلق على السفلة المسرعين إلى الشر .

قوله : ( يغلبون على قربك ) بضم القاف وسكون الراء ثم موحدة أي المكان الذي يقرب منك ، ووقع في رواية الكشميهني وأبي زيد المروزي بكسر القاف وبالنون وهو خطأ ، وفي رواية ابن وهب عن مالك : " على مجلسك إذا قمت في الناس " .

قوله : ( يطيرها ) بضم أوله من أطار الشيء إذا أطلقه ، وللسرخسي : " يطيرها " بفتح أوله أي يحملونها على غير وجهها ، ومثله لابن وهب ، وقال يطيرنها أولئك ولا يعونها ، أي لا يعرفون المراد بها .

قوله : ( فتخلص ) بضم اللام بعدها مهملة أي تصل .

قوله : ( لأقومن ) في رواية مالك : " فقال لئن قدمت المدينة صالحا لأكلمن الناس بها " .

قوله : ( ليقولن العشية مقالة ) أي عمر .

قوله : ( لم يقلها منذ استخلف ) في رواية مالك : " لم يقلها أحد قط قبله " .

قوله : ( ما عسيت ) في رواية الإسماعيلي : " ما عسى " .

قوله :
( أن يقول ما لم يقل قبله ) زاد سفيان : " فغضب سعيد وقال ما عسيت " ، قيل أراد ابن عباس أن ينبه سعيدا معتمدا على ما أخبره به عبد الرحمن ليكون على يقظة فيلقي باله لما يقوله عمر فلم يقع ذلك من سعيد موقعا بل أنكره ، لأنه لم يعلم بما سبق لعمر وعلى بناء أن الأمور استقرت .

قوله : ( لا أدري لعلها بين يدي أجلي ) أي بقرب موتي ، وهو من الأمور التي جرت على لسان عمر فوقعت كما قال ، ووقع في رواية أبي معشر المشار إليها قبل ما يؤخذ منه سبب ذلك وأن عمر قال في خطبته هذه : " رأيت رؤياي وما ذاك إلا عند قرب أجلي ، رأيت كأن ديكا نقرني " ، وفي مرسل سعيد بن المسيب في الموطإ : " أن عمر لما صدر من الحج دعا الله أن يقبضه إليه غير مضيع ولا مفرط " ، وقال في آخر القصة : " فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر " .

....


قوله : ( فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ) أي في الآية المذكورة التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها ، وقد وقع ما خشيه عمر أيضا فأنكر الرجم طائفة من الخوارج أو معظمهم وبعض المعتزلة ، ويحتمل أن يكون استند في ذلك إلى توقيف ، وقد أخرج عبد الرزاق والطبري من وجه آخر عن ابن عباس أن عمر قال : " سيجيء قوم يكذبون بالرجم " الحديث .
ووقع في رواية سعيد بن إبراهيم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة في حديث عمر عند النسائي : " وإن ناسا يقولون ما بال الرجم وإنما في كتاب الله الجلد ، ألا قد رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ، وفيه إشارة إلى أن عمر استحضر أن ناسا قالوا ذلك فرد عليهم ، وفي الموطإ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن عمر : " إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم أن يقول قائل لا أجد حدين في كتاب الله ، فقد رجم " .
قوله : ( والرجم في كتاب الله حق ) أي في قوله تعالى : أو يجعل الله لهن سبيلا فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المراد به رجم الثيب وجلد البكر كما تقدم التنبيه عليه في قصة العسيف قريبا .

قوله : ( كما أطري عيسى ) في رواية سفيان : " كما أطرت النصارى عيسى " .
قوله : ( وقولوا عبد الله ) في رواية مالك : " فإنما أنا عبد الله فقولوا " ، ..
وقال ابن التين : معنى قوله : " لا تطروني " لا تمدحوني كمدح النصارى ، حتى غلا بعضهم في عيسى فجعله إلها مع الله ، وبعضهم ادعى أنه هو الله ، وبعضهم ابن الله ، ثم أردف النهي بقوله : " أنا عبد الله " ، ...

...
ومناسبة إيراد عمر قصة الرجم والزجر عن الرغبة عن الآباء للقصة التي خطب بسببها وهي قول القائل : " لو مات عمر لبايعت فلانا " أنه أشار بقصة الرجم إلى زجر من يقول لا أعمل في الأحكام الشرعية إلا بما وجدته في القرآن ، وليس في القرآن تصريح باشتراط التشاور إذا مات الخليفة ، بل إنما يؤخذ ذلك من جهة السنة كما أن الرجم ليس فيما يتلى من القرآن وهو مأخوذ من طريق السنة ، وأما الزجر عن الرغبة عن الآباء فكأنه أشار إلى أن الخليفة يتنزل للرعية منزلة الأب فلا يجوز لهم أن يرغبوا إلى غيره بل يجب عليهم طاعته بشرطها كما تجب طاعة الأب ، هذا الذي ظهر لي من المناسبة ، والعلم عند الله تعالى ". 
ثم قال -رحمه الله-:
"وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم : أخذ العلم عن أهله وإن صغرت سن المأخوذ عنه عن الآخذ ، وكذا لو نقص قدره عن قدره .
وفيه: التنبيه على أن العلم لا يودع عند غير أهله ، ولا يحدث به إلا من يعقله ، ولا يحدث القليل الفهم بما لا يحتمله .
وفيه :جواز إخبار السلطان بكلام من يخشى منه وقوع أمر فيه إفساد للجماعة ولا يعد ذلك من النميمة المذمومة ، لكن محل ذلك أن يبهمه صونا له وجمعا له بين المصلحتين ، ولعل الواقع في هذه القصة كان كذلك ، واكتفى عمر بالتحذير من ذلك ولم يعاقب الذي قال ذلك ولا من قيل عنه ،..

وفيه :أن من اطلع على أمر يريد الإمام أن يحدثه فله أن ينبه غيره عليه إجمالا ليكون إذا سمعه على بصيرة ، كما وقع لابن عباس مع سعيد بن زيد ، وإنما أنكر سعيد على ابن عباس لأن الأصل عنده أن أمور الشرع قد استقرت ، فمهما أحدث بعد ذلك إنما يكون تفريعا عليها ، وإنما سكت ابن عباس عن بيان ذلك له لعلمه بأنه سيسمع ذلك من عمر على الفور .
...
وفي قوله : " أخشى إن طال بالناس زمان " إشارة إلى دروس العلم مع مرور الزمن فيجد الجهال السبيل إلى التأويل بغير علم ، وأما الحديث الآخر وهو " لا تطروني " ففيه إشارة إلى تعليمهم ما يخشى عليهم جهله ، قال : وفيه : اهتمام الصحابة وأهل القرن الأول بالقرآن والمنع من الزيادة في المصحف ، وكذا منع النقص بطريق الأولى ؛ لأن الزيادة إنما تمنع لئلا يضاف إلى القرآن ما ليس منه فإطراح بعضه أشد.
...وفيه :دليل على أن من خشي من قوم فتنة وأن لا يجيبوا إلى امتثال الأمر الحق أن يتوجه إليهم ويناظرهم ويقيم عليهم الحجة ، وقد أخرج النسائي من حديث سالم بن عبيد الله قال : " اجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا : انطلقوا بنا إلى [ ص: 162 ] إخواننا الأنصار ، فقالوا : منا أمير ومنكم أمير ، فقال عمر فسيفان في غمد إذا لا يصلحان ، ثم أخذ بيد أبي بكر فقال : من له هذه الثلاثة إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ؟ من صاحبه إذ هما في الغار من هما؟ فبايعه وبايعه الناس أحسن بيعة وأجملها...
وفيه :جواز الدعاء على من يخشى في بقائه فتنة ،.وفيه: أن على الإمام إن خشي من قوم الوقوع في محذور أن يأتيهم فيعظهم ويحذرهم قبل الإيقاع بهم ،...
واستدل بقول أبي بكر : " أحد هذين الرجلين " ، أن شرط الإمام أن يكون واحدا ، وقد ثبت النص الصريح في حديث مسلم " إذا بايعوا الخليفتين فاقتلوا الآخر منهما " وإن كان بعضهم أوله بالخلع والإعراض عنه فيصير كمن قتل . وكذا قال الخطابي في قول عمر في حق سعد : اقتلوه أي اجعلوه كمن قتل  " انتهى باختصار
 

 

وجوب معرفة البدع واجتنابها

قال الامام الألباني-رحمه الله-في كتابه النافع(الأجوبة النافعة عن أسئلة لجنة مسجد الجامعة)ص109-115: 
" إن مما يجب العلم به أن معرفة البدع التي أدخلت في الدين أمر هام جدا لأنه لا يتم للمسلم التقرب إلى
الله تعالى إلا باجتنابها ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة مفرداتها إذا كان لا يعرف قواعدها وأصولها وإلا وقع في البدعة وهو لا يشعر فهي من باب: "ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب" كما يقول علماء الأصول رحمهم الله تعالى. ومثل ذلك معرفة : الشرك وأنواعه؛ فإن من لا يعرف ذلك وقع فيه كما هو مشاهد من كثير من المسلمين الذين يتقربون إلى الله بما هو شرك كالنذر للأولياء والصالحين والحلف بهم والطواف بقبورهم وبناء المساجد عليها وغير ذلك مما هو معلوم شركه عند أهل العلم ،ولذلك فلا يكفي في التعبد الاقتصار على معرفة السنة فقط  بل لا بد من معرفة ما يناقضها من البدع كما لا يكفي في الإيمان التوحيد دون معرفة ما يناقضه من الشركيات وإلى هذه الحقيقة أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:"من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله".
رواه مسلم.
فلم يكتف عليه السلام بالتوحيد بل ضم إليه
   الكفر بما سواه وذلك يستلزم معرفة الكفر وإلا وقع وهو لا يشعر وكذلك القول في السنة والبدعة ولا فرق ذلك لأن الإسلام قام على أصلين عظيمين:
أن لا نعبد إلا الله وأن لا نعبده إلا بما شرع الله. فمن أخل بأحدهما فقد أخل بالآخر ولم يعبد الله تبارك وتعالى
وتحقيق القول في هذين الأصلين تجده مبسوطا في كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى
فثبت مما تقدم أن معرفة البدع أمر لا بد منه لتسلم عبادة المؤمن من البدعة التي تنافي التعبد الخالص لله تعالى فالبدع من الشر الذي يجب معرفته لا لإتيانه بل لاجتنابه على حد قول الشاعر:
عرفت الشر لا للشـ                                   ـر  لكن      لتوقيه
ومن لا يعرف الشر                                     من الخير يقع فيه
وهذا المعنى مستقى من السنة فقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه:
   كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: "نعم" فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم وفيه دخن" قلت: وما دخنه؟ قال:"قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر" فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال:"نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قدفوه فيها". فقلت: يا رسول الله صفهم لنا. قال: "نعم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا... الحديث"
أخرجه البخاري ومسلم
قلت: ولهذا كان من الضروري جدا تنبيه المسلمين على البدع التي دخلت في الدين وليس الأمر
كما يتوهم البعض: أنه يكفي تعريفهم بالتوحيد والسنة فقط ولا ينبغي التعرض لبيان الشركيات والبدعيات بل يسكت عن ذلك وهذا نظر قاصر ناتج عن قلة المعرفة والعلم بحقيقة التوحيد الذي يباين الشرك والسنة التي تباين البدعة وهو في الوقت نفسه يدل على جهل هذا البعض بأن البدعة قد يقع فيها حتى الرجل العالم وذلك لأن أسباب البدعة كثيرة جدا لا مجال لذكرها الآن ولكن أذكر سببا واحدا منها وأضرب عليه مثلا فمن أسباب الابتداع في الدين :الأحاديث الضعيفة والموضوعة فقد يخفى على بعض أهل العلم شيء منها ويظنها من الأحاديث الصحيحة فيعمل بها ويتقرب إلى الله تعالى ثم يقلده في ذلك الطلبة والعامة فتصير سنة متبعة فهذا مثلا :الشيخ الفاضل والعلامة المحقق السيد جمال الدين القاسمي ألف كتابه القيم "إصلاح المساجد من البدع والعوائد" وقد انتفعت به كثيرا في المشروع الذي سبقت الإشارة إليه ومع ذلك فقد عقد فصلا في أمور ينبغي التنبه لها ذكر
   فيه عشرين مسألة ومنها المسألة "16: دخول الصبيان للمساجد" قال "ص 205":
"في الحديث":
"وجنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" وذلك لأن الصبي دأبه اللعب فبلعبه يشوش على المصلين وربما اتخذه ملعبا فنافى ذلك موضع المسجد فلذا يجنب عنه "
قلت: فهذا الحديث ضعيف لا يحتج به وقد ضعفه جماعة من الأئمة مثل عبد الحق الأشبيلي وابن الجوزي والمنذري والبوصيري والهيثمي والعسقلاني وغيرهم. ومع ذلك خفي حاله على الشيخ القاسمي وبنى عليه حكما شرعيا وهو تجنيب الصبيان عن المسجد تعظيما للمسجد والواقع أنه : بدعة ؛ لأنه خلاف ما كان عليه الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كما هو مشروح في محله من كتب السنة وانظر كتابنا "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم "ص 73 الطبعة الثالثة
ومثله البدعة الأولى وغيرها مما يأتي ذكره. وذلك فإن التنبيه على البدع أمر واجب على أهل العلم وقد
    قام بذلك طائفة منهم بعضهم فروعها، وبعضهم جمع بين النوعين ،وقد طالعتها جميعا وقرأت معها مئات الكتب الأخرى في الحديث والفقه والأدب وغيرها وجمعت منها مادة عظيمة في البدع ما أظن أن أحدا سبقني إلى مثلها وهي أصل كتابي المشار إليه آنفا "قاموس البدع" الذي أسأل الله أن ييسر لي تهذيبه وتصنيفه وإخراجه للناس. وهذا الفصل الذي بين يديك هو دليل عليه ونموذج منه. والله سبحانه هو الموفق"

العلم خير بضاعة


 درر مستفادة
من كتاب "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة"
 لابن قيم الجوزية - رحمه الله  -
الدرة 3 : 
"العلم خير بضاعة"

إن كل صاحب بضاعة سوى العلم إذا علم أن غير بضاعته خير منها زهد في بضاعته ورغب في الأخرى وود أنها له عوض بضاعته الا صاحب بضاعة العلم فإنه ليس يحب أن له بحظه منها حظ أصلا.
 وكان سفيان الثوري إذا رأى الشيخ لم يكتب الحديث قال :  لا جزاك الله عن الإسلام خيرا.
 قال أبو جعفر الطحاوي :  كنت عند أحمد بن أبي عمران فمر بنا رجل من بني الدنيا فنظرت إليه وشغلت به عما كنت فيه من المذاكرة فقال لي كأني بك قد فكرت فيما أعطى هذا الرجل من الدنيا قلت له نعم قال هل أدلك على خلة هل لك أن يحول الله اليك ما عنده من المال ويحول اليه ما عندك من العلم فتعيش أنت غنيا جاهلا ويعيش هو عالما فقيرا فقلت ما أختار أن يحول الله ما عندي من العلم الى ما عنده.

 فالعلم غنى بلا مال وعز بلا عشيرة وسلطان بلا رجال. وفي ذلك قيل :

العلم كنز وذخر لا نفاد له ****  نعم القرين إذا ما صاحب صحبا
قد يجمع المرء مالا ثم يحرمه ****    عما قليل فيلقى الذل والحربا
وجامع العلم مغبوط به ابدا ****   ولا يحاذر منه الفوت والسلبا
يا جامع العلم نعم الذخر تجمعه  ****  لا تعدلن به درا ولا ذهبا
نقلا من (المنهج الصحيح9392)

الأربعاء، 28 مارس 2012

سنن مهجورة عند الطعام...



قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( إذا أكل أحدكم الطعام فلا يمسح يده حتى يلعقَها أو يُلعِقَها , ولا يرفع صَحفَةً حتى يلعقها أو يلعقها , فإن آخر الطعام فيه بركة)

قال  الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى -
: وفي الحديث أدب جميل من آداب الطعام الواجبة , ألا وهو لعق الأصابع ومسح الصحفة بها .

 وقد أخل بذلك أكثر المسلمين اليوم متأثرين في ذلك بعادات أوربا الكافرة وآدابها القائمة على الاعتداد بالمادة , وعدم الاعتراف بخالقها والشكر له على نعمه , فليحذر المسلم من أن يقلدهم في ذلك فيكون منهم لقوله عليه السلام :(( من تشبه بقوم فهو منهم ..))

[السلسلة الصحيحة ، المجلد الأول ، حديث رقم : 391]

أن الصحابة قالوا : يا رسول الله ، إنا نأكل ولا نشبع ؟
قال :"
فلعلكم تأكلون متفرقين ؟ "
قالوا : نعم
قال : " فاجتمعوا على طعامِكم ، واذكروا اسمَ الله عليه ؛ يباركْ لكم فيه "
 * ( حسن ) "سلسلة الأحاديث الصحيحة 664" .
ولمزيد الفائدة عن الحديث السابق في سنن الطعام المهجورة: عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :
" إذا طعم أحدُكم فسقطت لقمتُه مِن يده ؛ فَلْيُمِطْ ما رابَهُ منها ولْيَطْعَمْها ، ولا يدعْها للشيطان ، ولا يمسح يدَه بالمنديل ، حتى يلعَقَ يدَه فإن الرجل لا يدري في أي طعامه يبارَك له ؛ فإن الشيطانَ يرصُدُ الناسَ ـ أو الإنسان ـ على كل شيء ، حتى عند مطعمِهِ أو طعامه ، ولا يرفع الصَّحْفَةَ حتى يَلعقها أو يُلعِقَها ، فإن في آخر الطعام البركة " [صحيح ، الصحيحة برقم(1404)] 
قال ـ رحمه الله ـ 
(( ومن المؤسف حقا أن ترى كثيرا من المسلمين اليوم وبخاصة أولئك الذين تأثروا بالعادات الغربية والتقاليد الأوروبية ـ قد تمكن الشيطان من سلبه قسما من أموالهم ليس عدوانا بل بمحض اختيارهم ، وما ذاك إلا لجهلهم بالسنة ، أو إهمالا منهم إياها ، ألست تراهم يتفرقون في طعامهم على موائدهم ، وكل واحد منهم يأكل لوحده ـ دون ضرورة ـ في صحن خاص ، لا يشاركه فيه على الأقل جاره بالجنب ، خلافا للحديث السابق (664) .
وكذلك إذا سقطت اللقمة من أحدهم ، فإنه يترفع عن أن يتناولها ويميط الأذى عنها ويأكلها ، وقد يوجد فيهم من المتعالمين والمتفلسفين من لا يجيز ذلك بزعم أنها تلوثت بالجراثيم والميكروبات ! ضربا منه في صدر الحديث إذ يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
:" فليمط ما رابه منها ، وليطعمها ، ولا يدعها للشيطان
ثم إنهم لا يلعقون أصابعهم ، بل إن الكثيرين منهم يعتبرون ذلك قلة ذوق وإخلالا بآداب الطعام ، ولذلك اتخذوا في موائدهم مناديل من الورق الخفيف النشاف المعروف بـ (كلينكس) ، فلا يكاد أحدهم يجد شيئا من الزهومة في أصابعه ، بل وعلى شفتيه إلا بادر إلى مسح ذلك بالمنديل ، خلافا لنص الحديث

وأما لعق الصحفة ، أي لعق ما عليها من الطعام بالأصابع ، فإنهم يستهجنونه غاية الاستهجان ، وينسبون فاعله إلى البخل أو الشراهة في الطعام ، ولا عجب في ذلك من الذين لم يسمعوا بهذا الحديث فهم به جاهلون ، وإنما العجب من الذين يسايرونهم ويداهنونهم ، وهم به عالمون .
ثم تجدهم جميعا قد أجمعوا على الشكوى من ارتفاع البركة من رواتبهم وأرزاقهم ، مهما كان موسعا فيها عليهم ،
ولا يدرون أن السبب في ذلك إنما هو إعراضهم عن اتباع سنة نبيهم ، وتقليدهم لأعداء دينهم ، في أساليب حياتهم ومعاشهم .
فالسنة السنة أيها المسلمون 
{ يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنواْ اسْتَجِيبُواْ للهِ وَلِلرَّسولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } )) .انتهى نقلا من(المنهج الصحيح8392)بتصرف يسير

الامام الالمعي مقبل الوادعي- رحمه الله -

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة والسلام علي رسول الله وعلي اله وصحبه اجمعين ، اما بعد :
فان النهضة العلمية السلفية المباركة التي انتظمت ربوع اليمن السعيد وجعلته قبلة يتوجه اليها طلاب العلم،
ورواد المعرفة ومن لم يوفق منهم الي ارتياد مرابعه وتنزيه الطرف والقلب في افانين ثمره لم تزل في نفسه لوعة وفي قلبه حسرة..
ان تلك النهضة العلمية المثمرة الآفا من الطلاب النجباء والدعاة الاقوياء والمراكز المحتشدة بالطاقات المشتعلة حماسا وهمة تنتظر ان يجئ دورها لتكون اضافة ثرة الي جحافل السلفيين الذين هم صفوة الأمة وعماد النصر بمشيئة الله..
ان تلك النهضة المتمثلة فيما ذكرنا وما لم نذكر ومن ذلك هذه المصنفات الكثيرة التي شملت انواعا من العلوم والفنون والمعارف ومنها الكتابات التأصلية في علوم الآلة وعلوم المقاصد لهي نهضة يحق لكل سلفي ان يفخر بها ويتيه ويجعلها دليلا علي اصالة هذا المنهج وعموم نفعه وما يحركه بتوفيق الله في نفوس اهله من الجهود والابداعات التي تجني منها الأمة غذاءا للروح وعدة للتغيير وقربة للعلي القدير..
وان هذه النهضة لتحمل كل سلفي صادق , علي ان يعرف قدر من اجري الله هذا الخير علي يديه وهو الامام العلم الهمام الزاهد المجاهد – احسبه – بقية السلف وقدوة الخلف المحدث الالمعي مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله تعالي -، وطلبته ومحبوه قد اكثروا من التصانيف المعرفة به الدالة علي امامته وجهاده ونصحه وان سيرته وطريقته في الدعوة والتعليم لهي خير زاد للعاملين في الدعوة والاصلاح..
ان هذه النهضة المباركة التي حيرت دوائر كثيرة في العالم واقلقتها لتتطلب من أهلها ان يكونوا اوفياء لها ولمفجرها وباعثها الامام مقبل وذلك بامور كثيرة منها ان يسيروا علي هدي من الكتاب والسنة ومنهج السلف وبسير هذا الامام المجدد؛ فلا يغيروا ولا يبدلوا وان يحرصوا علي وحدتهم واجتماع كلمتهم التي هي من اسباب قوتهم وان تستمر اجتماعاتهم وتشاورهم وان يصدروا عن توجيهات كبارهم وان لايصغوا لزارعي الفتنة ومثيريها فكم فتكت هذه الفتن بالدعوة السلفية في اقطار الارض ، وعليهم ان يبينوا للصغار موقعهم وقدرهم والصغير من لم يعرف بحلم وعلم وان كان كبيرا ومما يروي عن امير المؤمنين عمر- رضي الله عنه- قوله : (قد علمت متى صلاح الناس ومتى فسادهم ، إذا جاء الفقه من قبل الصغير استعصى عليه الكبير ، وإذا جاء الفقه من قبل الكبير تابعه الصغير فاهتديا)
هذه الكلمات كتبتها وانا أطالع أحد الكتب التي الفها بعض طلبة الامام مقبل- رحمه الله -فآ
ثار ذلك في نفسي شجونا؛ فكتبت ما مر، وقد يقال: ان بعض ما كتبت غير ذي موضوع الآن ؛لان التشرذم والتمزق والتفرق قد ضرب السلفيين والحروب والردود قد اشتعلت بينهم في اليمن وغيرها.. فأقول : ان تمثل الكتاب والسنة علي منهج السلف بتوفيق الله والتجرد من الحظوظ والانصياع للحق والنظر في المصالح والمفاسد لحقيق ان يجمع المتفرق ويرد الشارد ويحصل الالفة والاجتماع اسأل الله ان يؤلف بين قلوب السلفيين وان يدفع عنهم الفتن التي مزقتهم وشغلت بعضا منهم ببعض وان يجنبهم الغلو المهلك والتميع المفسد وان يصلح ذات بينهم ...
 

وهذا الذي ذكرته عن النهضة في اليمن قريب منه حال الدعوة السلفية في اقطار كثيرة فانظر ما آل اليه حالها الا من رحم الله وانما هذه زفرة حزين وانة مكلوم مسكين والحمد لله رب العالمين.
وكتبه: الحسن بن حامد(أبو محمد السلفي)

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...