الاثنين، 12 مارس 2012

الراجح فى وقت أذكار المساء

بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر واعن وتم وبارك يا كريم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله ,أما بعد ؛                                                                               
فوقفت في بعض مواقع (الانترنت ) علي سؤال وجوابه عن (أذكار المساء متى تقال ) .
وهذا هو نص السؤال والجواب , مقتصراً علي ما له تعلق ببحثنا : "السؤال : أريد أن اسأل عن أذكار المساء : هل تقال كلها في الفترة مابين صلاة العصر والمغرب ...
الجواب : الحمد لله , أولاً : اختلف العلماء في تحديد وقت أذكار المساء ؛ فمنهم من قال : انه مابين العصر والمغرب , ومنهم من قال : انه من زوال الشمس ( وهو بداية وقت الظهر ) إلي غروب الشمس , وفي أول الليل , ومنهم من قال : هو من زوال الشمس إلي منتصف الليل . 
والي القول الأول ذهب ابن القيم – رحمه الله – وقال كما في " الوابل الصيب " ص 127 : "الفصل الأول في ذكر طرفي النهار , وهما مابين الصبح وطلوع الشمس , وما بين العصر والغروب , قال سبحانه وتعالي :  يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيرا وسبحوه بكرةً وأصيلا  , والأصيل قال الجوهري : هو الوقت بعد العصر إلي المغرب , وجمعه أُصل وآصال و أصائل ... و قال تعالي :  وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار  ؛ فالإبكار : أول النهار , والعشي : آخره , وقال تعالي :فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب  ,وهذا تفسير ما جاء في الأحاديث : من قال : كذا وكذا حين يصبح , وحين يمسي , أن المراد به قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وان محل هذه الأذكار بعد الصبح وبعد العصر " انتهي .
والي القول الثاني : ذهب بعض أهل العلم , و به أفتت اللجنة الدائمة , حيث سئلت : هل أذكار المساء تكون بعد صلاة العصر أو بعد غروب الشمس ؟ أي بعد صلاة المغرب . 
فأجابت : " أذكار المساء تبتدئ من زوال الشمس إلي غروبها , وفي أول الليل . وأذكار الصباح : تبتدئ من طلوع الفجر إلي زوال الشمس, قال الله تعالي : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ,وقال سبحانه :  واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدو والآصال  , والآصال جمع أصيل وهو مابين العصر والمغرب , وقال سبحانه : فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات و الأرض وعشياً وحين تظهرون  " انتهي " فتاوى اللجنة الدائمة " (24/178 ) .
والي القول الثالث : ذهب السيوطي – رحمه الله – كما نقله عنه ابن علان في " الفتوحات الربانية علي الأذكار النووية " (3 /73 ) .
وبهذا يتبين أيضاً الخلاف في وقت أذكار الصبح هل هو فيما بين طلوع الفجر إلي شروق الشمس أم إلي زوالها ؟
وثمة أقوال أخر في المسألة , لكن اقتصرنا علي المشهور منها " اهـ
كذا في هذا الجواب ؛ فلم يذكر قول من قال من أهل العلم : إن ( أذكار المساء ) تقال بعد غروب الشمس – الذي هو أول الليل - . وقد قال به علماء أجلاء منهم : الإمام ابن الجزري ( ت 833 هـ ) مؤلف كتاب " عدة الحصن الحصين " , والإمام ابن الأمير الصنعاني صاحب "سبل السلام .. " والإمام الشوكاني , وغيرهم – رحمهم الله تعالي – كما سيتضح ذلك في أثناء البحث - إن شاء الله تعالي - . 
وكذلك أيضاً لم يرجح شيا من تلك الأقوال ويبين الصحيح والراجح منها , وهذا يجعل الناظر في هذا الجواب , لا يدري بأي الأقوال يأخذ , ولا بأيها يعمل , وما هو الصحيح منها الذي دلت عليه الأدلة ؟! 
ولكن الذي تبين لنا وظهر من خلال هذا البحث الذي نمهد له هو : أن (أذكار المساء ) تقال بعد غروب الشمس , لا بعد صلاة العصر ؛ فضلا عن بعد الزوال , وهو القول الصحيح الراجح , المؤيد بالنصوص الشرعية , وان لم يذكر في (المشهور) ؟! 
ونقول : إن القول الأول المذكور في هذا الجواب , وكذا القول الثاني : استدل له بأدلة عامة , تحث وتحض علي ذكر الله تعالي والإكثار من ذلك مطلقاً ؛ في كل الأوقات والأحوال , ومن ذلك قوله سبحانه : يا أيها الذين آمنوا أذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرةً وأصيلا  ]الأحزاب : 41-42 [ , قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في " تفسيره " (3/545 ) عند تفسيرها : 

" .. وفي هذه الآية الكريمة الحث علي الإكثار من ذلك . وقد صنف الناس في الأذكار المتعلقة بآناء الليل والنهار ؛ كالنسائي والمعمري وغيرهما ... وقوله تعالي : وسبحوه بكرةً وأصيلا  أي عند الصباح والمساء , كقوله تعالي فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون " أهـ وتأمل - رحمك الله - كيف حمل الحافظ ابن كثير قوله تعالي : وسبحوه بكرةً وأصيلا  علي الصباح والمساء وقال هي " كقوله تعالي :  فسبحان الله حين تمسون  الآية " وهو - رحمه الله – قد فسر المساء المشار إليه فيها بقوله : "هو إقبال الليل بظلامه " أهـ أي : بعد غروب الشمس كما هو معلوم . " تفسير ابن كثير " (3/471 ) . 
وراجع كتب التفسير وما قاله أهل العلم بالتفسير في تفسير هذه الآيات ؛ هذا أولاً . 
وثانياً : جاء عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – انه قال : كل تسبيح في القرآن هو الصلاة ؛ أي المراد به الصلاة . ذكره عنه الحافظ بن كثير عند تفسير قوله تعالي : يسبح له فيها بالغدو والآصال  ]النور : 36 [ . انظر : "تفسير ابن كثير" (3/323) وفيه : " قوله تعالي  يسبح له فيها بالغدو ألآصال  أي : في البكرات والعشيات . ألآصال جمع أصيل , وهو آخر النهار . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : كل تسبيح في القرآن هو الصلاة . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يعني بالغدو: صلاة الغداة , ويعني بالآصال : صلاة العصر ؛ وهما أول ما افترض الله من الصلاة ؛ فأحب أن يذكرهما وان يذكر بهما عباده . وكذا قال الحسن والضحاك :  يسبح له فيها بالغدو الآصال  يعني الصلاة " أهـ وانظر : "تفسير القرطبي " (14/197 – 198 ) مهم . 
ثالثاً : ما جاء في الآيات و الأحاديث من الترغيب في ذكر الله سبحانه والإكثار من ذلك , من غير تقيد بـ "الصباح أو المساء " حمل علي الأذكار المطلقة المرغب في قولها : خلال ساعات اليوم (نهاراً ) , وخلال ساعات الليل ( مساءً) . 
وما جاء مقيداً قولها في الأحاديث بـ " الصباح أو المساء " ؛ حمل علي الأذكار المقيدة المختص قولها بـ " بأول النهار صباحاً , وأول الليل مساءً " جمعاً بين الأدلة – والله اعلم - . 
وأما القول الثالث ( الأخير في الجواب ) قد استدل له ابن علان بما جاء في بعض معاجم اللغة ! وهو قول بعيد – وإن قال به من قال – وذلك : لان الأصل في اللفظ الذي جاء في نصوص الشرع : أن يحمل علي المعني الأغلب الذي تضافرت عليه النصوص الشرعية , ولا يصرف عن ذلك المعني إلا بدليل – أو قرينة قوية – تدل علي خلاف ذلك المعني الأغلب . بل " أذا كان للفظٍ مسمي شرعي ولغوي ؛ فانه يحمل علي الشرعي ... بل يجب الحمل علي المعني الشرعي ؛ لان النبي  بعث لبيان الشرعيات لا لبيان معاني الألفاظ اللغوية , و الشرع طارئ علي اللغة , وناسخ لها ؛ فالحمل علي الناسخ المتأخر أولي " كما قاله العلامة صديق بن حسن خان – رحمه الله – في كتابه "حصول المأمول من علم الأصول " ص 277 – 278 . هذا أولاً . 
وثانياً : لان لفظ ( المساء ) الذي جاء في أحاديث الأذكار : جاء فيها أيضاً ما يبين المراد من ( المساء ) فيها : وأن المراد به : ما بعد غروب الشمس , من ذلك : المقابلة بينه وبين الصباح , مثل قوله  : } من قال حين يمسي فمات قبل أن يصبح ... { أو } قال حين يصبح فمات قبل أن يمسي ... { ونحوها .
ومن ذلك أيضاً : تعليق ( المساء ) بالليل ؛ كقوله  : } من قال صباح كل يوم ومساء كل ليلة : ... { الحديث وقوله  : } لو انه قال حين يمسي : أعوذ ... الحديث - لم تضره حمة تلك الليلة { ونحو ذلك من الأحاديث – وسيأتي تفصيل هذا الإجمال لاحقاً – بإذن الله تعالي - . 
ثالثاً : ما جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – من تفسيره لـ " المساء " : بما يكون بعد غروب الشمس , وذلك عند قوله تعالي :  فسبحان الله حين تمسون  قال : صلاة المغرب – كما سيأتي إن شاء الله – فهذا " تفسير الصحابي اللغوي للمساء " و " الصحابي اعرف بالمراد ممن تأخر بعده " . ولو أفاد لفظ ( المساء ) أكثر من ذلك لأدخل فيه ابن عباس صلاة الظهر والعصر بدلاً من صلاة المغرب والعشاء ؛ لأن لفظ ( المساء ) علي قول من قال : انه يكون بعد الزوال ؛ كانت دلالته علي صلاة الظهر والعصر اظهر من دلالته علي صلاة المغرب والعشاء – والله اعلم - .
رابعاً : جاء في معجم ( مجمع اللغة العربية ) " الوجيز " ص 582 : " ( المسَاءُ ) : ما يقابل الصباح . و- : زمان يمتد من الظهر إلي المغرب أو إلي نصف الليل . ( ج ) أُمسية " أهـ 
ومعني الرمز ( و- :) كما في مقدمة المعجم : ص : ن : " ( و- ) : للدلالة علي تكرار الكلمة لمعني جديد " أهـ 
وهذا يدل أو يشير إلي أن ( المساء) في لغة العرب يطلق إزاء معنيين : ما يقابل الصباح أي بعد غروب الشمس وما يكون بعد الزوال . ويتعين المراد من إطلاقه: بحسب السياق والقرائن المحتفه به . 
ولفظ ( المساء ) الذي جاء في أحاديث الأذكار : جاء في مقابلة الصباح , وكذلك جاءت قرائن تدل علي أن المراد به :ما بعد غروب الشمس فبه يفسر ما جاء في أحاديث الأذكار :} من قال : كذا وكذا حين يمسي { : أن محل هذه الأذكار بعد غروب الشمس – والله اعلم - .

هناك 3 تعليقات:

  1. هذا جزء من بحث(تحبير المقال فى أذكار المساء متى تقال وبيان الوقت المختار) وهو بتمامه موجود بصفحات موقع المحجة العلمية...وكذلك له اضافات وزوائد مهمة ستلحق به لاحقا ان شاء الله تعالى..

    ردحذف
  2. افهم من ذلك ان اذكار المساء بعد
    المغرب وليست بعد ألعصر افيدونا جزاكم الله خير

    ردحذف
  3. نعم بارك الله فيك ، أنها تقال بعد المغرب كما هو موضح في البحث المشار إليه..وفقنا الله وإياكم لكل خير

    ردحذف

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...