الاثنين، 26 مارس 2012

سمو ابن حزم وسفول المنطق !!

الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه اجمعين وأما بعد:

فإن الفقيه أبا محمد علي بن أحمد بن سعيد ابن حزم الظاهري-رحمه الله- من فحول العلماء الذين نحتوا  اسمهم في جدار قلعة العلم باقتدار وجدارة؛ غير عابئين بضجيج الخصوم والشانئين، لكن تبقي هناته في بعض أبواب التوحيد والدين وسلقه بلسانه الحاد أئمة المفتين؛ لطخات سوداء في سيرته ناصعة البياض، ويمنعك من إهداره ، تفننه في العلوم وأخذه بناصية المعقول والمنقول، وتعظيمه للسنة ومحاماته عن الدليل والبرهان مع بيانه الصادع  وأدبه الآسر للقلوب.
وإن مما عيب علي ابن حزم -رحمه الله-خوضه في المنطق وإعلائه لشأنه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في (مجموع الفتاوي )عن المنطق: (فَإِنَّ فِيهِ مَوَاضِعَ كَثِيرَةً هِيَ لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعِرٍ لَا سَهْلٍ فَيُرْتَقَى وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلُ. وَلِهَذَا مَا زَالَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّةُ الدِّينِ يَذُمُّونَهُ وَيَذُمُّونَ أَهْلَهُ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِهِ حَتَّى رَأَيْت لِلْمُتَأَخِّرِينَ فُتْيَا فِيهَا خُطُوطُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِ زَمَانِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِيهَا كَلَامٌ عَظِيمٌ فِي تَحْرِيمِهِ وَعُقُوبَةِ أَهْلِهِ حَتَّى إنَّ مِنْ الْحِكَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ الَّتِي بَلَغَتْنَا : أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَمْرِو بْنَ الصَّلَاحِ أَمَرَ بِانْتِزَاعِ مَدْرَسَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ الآمدي وَقَالَ : أَخْذُهَا مِنْهُ أَفْضَلُ مِنْ أَخْذِ عَكَّا).
وقال رحمه الله: (فَإِنِّي كُنْت دَائِمًا أَعْلَمُ أَنَّ الْمَنْطِقَ الْيُونَانِيَّ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الذَّكِيُّ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْبَلِيدُ).
وقد قرأت  للذهبي -رحمه الله-في ترجمته لابن حزم  في (السير )كلاماً حسنا في ذم المنطق أحببت أن أثبته هنا:
قال - رحمه الله-: (وَلَقَدْ وَقفتُ لَهُ عَلَى تَأَلِيف يَحضُّ فِيْهِ عَلَى الاعتنَاء بِالمنطق، وَيُقَدِّمه عَلَى العلُوْم، فَتَأَلَّمت لَهُ، فَإِنَّهُ رَأْسٌ فِي علُوْم الإِسْلاَم، مُتَبَحِّر فِي النقل، عَديمُ النّظير عَلَى يُبْسٍ فِيْهِ، وَفَرْطِ ظَاهِرِيَّة فِي الفروع لاَ الأُصُوْل).
وقال: (وَقَدْ أَخَذَ المنطق - أَبعدَهُ الله مِنْ عِلمٍ - عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ المَذْحِجِيّ، وَأَمعَنَ فِيْهِ، فَزلزله فِي أَشيَاء).
ولا بن حزم - رحمه الله - شعر كثير ومن ألطفه - عندي - ما ذكره تلميذه الحميدي في  (جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس):
(وله من قصيدة طويلة خاطب بها قاضي الجماعة بقرطبة عبد الرحمن بن أحمد بن بشر يفخر فيها بالعلم، ويذكر أصناف ما علم، وفيها:
أنا الشمس في جو العلوم منيرة
ولكن عيبي أن مطلعي الغرب
ولو أنني من جانب الشرق طالع
لجد على ما ضاع من ذكرى النهب
ولى نحو أكناف العراق صبابة
ولا غرو أن يستوحش الكلف الصب
فإن ينزل الرحمن رحلى بينهم
فحينئذ يبدو التاسف والكرب
فكم قائل أغفلته وهو حاضر
وأطلب ما عنه تجئ به الكتب
هنالك يدرى أن للبعد قصة
وأن  كساد العلم آفته القرب
)
وكتبه :أبو محمد حسن بن حامد
7/2/1431 هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...