الأحد، 11 مارس 2012

من روائع المقالات : وجوب التفقه في الحديث...للإمام الألباني-رحمه الله-

وجوب التفقه في الحديث
نرى كثيراً من كتاب المجلات الإسلامية يوردون أحاديث   ويرفعونها وينسبونها إلي النبي -صلى الله عليه وسلم- دون أن يذكروا مصادرها من كتب السنة المطهرة، وعلاوة على ذلك فإنهم يجزمون بعزوها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد تكون ضعيفة أو موضوعة،
 وإن منهم لمن يسود صفحات في شرح بعضها،
 ومنهم يحتج بما هو مقطوع عند المحققين من العلماء ببطلانها على مخالفه في رأيه وهو دخيل في الإسلام، كما وقع ذلك في بعض الأعداد الأخيرة من المجلة.

فإلى هؤلاء الأفاضل وأمثالهم من الخطباء والوعاظ والمرشدين أسوق هذه الكلمة نصيحة وذكرى:
لا يجوز للمسلم أن ينسب حديثأ ما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بعد أن يتثبت من صحته على قاعدة المحدثين، والدليل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- : " اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح كما في " فيض القدير ".

والتثبت له طريقان :
الأول : أن ينظر الطالب في إسناده ورجاله ويحكم عليه بما تقتضيه قواعد علم الحديث وأصوله من صحة أو ضعف، دون أن يقلد إماماً معيناً في التصحيح والتضعيف، وهذا أمر عزيز في هذا العصر، لا يكاد يقوم به إلا أفراد قلائل مع الأسف.

والآخر: أن يعتمد في ذلك على كتاب خصه مؤلفه بالأحاديث الصحيحة كالصحيحين ونحوهما،
 أو على أقوال المحققين من المحدثين كالإمام أحمد ، وابن معين، وأبي حاتم الرازي، وغيرهم من المتقدمين، وكالنووي، والذهبي، والزيلعي، والعسقلاني، ونحوهم من المتأخرين.

وهذه الطريق ميسرة لكل راغب في الحق، ولكنه يحتاج إلى شيء من الجهد في المراجعة والتنقيب عن الحديث، وهذا أمر لا بد منه، ولا ينبغي أن يصدف عنه من كان ذا غيرة على دينه، وحريص على شريعته أن يدخلها ما ليس منها، ولذلك قال الفقيه ابن حجر الهيتمي في كتابه " 
الفتاوى الحديثية " (ص : 32) :
" وسئل -رضي الله عنه- في خطيب يرقى المنبر في كل جمعة، ويروي أحاديث كثيرة، ولم يبين مخرجيها ولا رواتها فما الذي يجب عليه ؟
فأجاب بقوله
مَا ذكره من الْأَحَادِيث فِي خطبه من غير أَن يبين رواتها أَو من ذكرهَا فَجَائِز بِشَرْط أَن يكون من أهل الْمعرفَة فِي الحَدِيث، أَو ينقلها من كتاب مؤلفة كَذَلِك،
 وَأما الِاعْتِمَاد فِي رِوَايَة الْأَحَادِيث على مُجَرّد رؤيتها فِي كتاب لَيْسَ مُؤَلفه من أهل الحَدِيث، أَو فِي خطب لَيْسَ مؤلفها كَذَلِك فَلَا يحل ذَلِك، وَمن فعله عُزِّر عَلَيْهِ التعزيز الشَّديد، وَهَذَا حَال أَكثر الخطباء فَإِنَّهُم بِمُجَرَّد رُؤْيَتهمْ خطْبَة فِيهَا أَحَادِيث حفظوها وخطبوا بهَا من غير أَن يعرفوا أَن لتِلْك الْأَحَادِيث أصلاً أم لَا ؛ فَيجب على حكام كل بلد أَن يزجروا خطباءها عَن ذَلِك، وَيجب على حكام بلد هَذَا الْخَطِيب مَنعه من ذَلِك إِن ارْتَكَبهُ، . . . ".

ثم قال : " 
فعلى هَذَا الْخَطِيب أَن يبين مُسْتَنده فِي رِوَايَته؛ فَإِن كَانَ مُسْتَنداً صَحِيحاً، فَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ وَإِلَّا سَاغَ الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ ؛ بل وَجَاز لوليّ الْأَمر أَن يعزله من وَظِيفَة الخطابة زجرا لَهُ عَن أَن يتجرأ على هَذِه الْمرتبَة السّنيَّة بِغَيْر حق، . . ".

محمد ناصر الدين الألباني

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي (19/ 529-530).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...