الخميس، 15 مارس 2012

من روائع المقالات : وجوب التسليم لأحكام الشرع سواء عرفت الحكمة أو لا


قال الامام الالبانى -رحمه الله- فى كتابه الماتع العجاب (تحريم آلات الطرب) تحت < الفصل الثامن: حكمة تحريم آلات الطرب والغناء >:
" يجب عليك أيها المسلم أن تعتقد أن الله في كل ما شرع لعباده من أمر أو نهي وإباحة - حكمة بل حكما بالغة ؛ علمها من علمها ، وجهلها من جهلها، تظهر لبعضهم وتخفى على آخرين، ولذلك فالواجب على المسلم حقا أن يبادر إلى طاعة الله ، ولا يتلكأ في ذلك حتى تتبين له الحكمة ؛ فإن ذلك مما ينافي الإيمان الذي هو التسليم المطلق للشارع الحكيم ، ولذا قال عز وجل في القرآن الكريم:
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
وعلى هذا عاش سلفنا الصالح فأعزهم الله وفتح لهم البلاد وقلوب العباد ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها ، ولقد كان لأبي بكر الصديق رضي الله عنه قصب السبق فيه، وكان مثالا صالحا لغيره ،كما يدل على ذلك موقفه الرائع في قصة صلح الحديبية فيما رواه سهل بن حنيف رضي الله عنه قال:

 " أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا - وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين - فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، 
فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: "بلى" ،
 قال: أليس قتلانا في الجنة
    وقتلاهم في النار ، 
قال: "بلى" ،
 قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا ، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟
 فقال: "يا ابن الخطاب إني رسول الله ، ولن يضيعني الله أبدا".
قال: فانطلق عمر - فلم يصبر متغيظا - ؛ 

فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل؟ 
قال: بلى ،
قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟
 قال: بلى،
 قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا ، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ 
فقال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا.
قال: فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بـ "الفتح" ؛ فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه ؛ 

فقال: يا رسول الله أو فتح هو؟
 قال: "نعم" ؛
 فطابت نفسه ورجع.
أخرجه البخاري "3182 - فتح" ومسلم 5 / 175 - 176 والسياق له وأحمد 3 / 486 وفي رواية لهما عنه:
" أيها الناس اتهموا رأيكم "
وهي لسعيد بن منصور 3 / 2 / 374 وابن أبي شيبة 15 / 299.
قال الحافظ 13 / 288:
كأنه قال: اتهموا الرأي إذا خالف السنة ، كما وقع لنا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحلل فأحببنا الاستمرار على الإحرام وأردنا القتال لنكمل
    نسكنا ، ونقهر عدونا ،وخفي علينا ما ظهر للنبي صلى الله عليه وسلم مما حدث عقباه.
وأروع مثال مر بي في سيرة أصحابه صلى الله عليه وسلم الدالة على إيثارهم طاعته ،ولو كان ذلك مخالفا لهواهم ومصلحتهم الشخصية ، قول ظهير بن رافع قال: 

" نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان لنا نافعا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا ؛ نهانا أن نحاقل بالأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى".
رواه مسلم وغيره وهو مخرج في الإرواء5 / 299.
لقد ذكرتني هذه الطواعية بتلك المطاوعة التي تعجب منها مؤمنو الجن حينما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون إلى قراءته في صلاة الفجر المشار إليها في أول سورة الجن:
{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} فأروا أصحابه صلى الله عليه وسلم يصلون بصلاته يركعون بركوعه يسجدون بسجوده ، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-:
" عجبوا من طواعية أصحابه له".
رواه أحمد 1 / 270 وغيره بسند صحيح.
والمقصود أن هذه الطواعية يجب أن تكون متحققة في كل مسلم ظاهرا وباطنا، سواء كانت موافقة لهواه أو مخالفة، ومن لوازم ذلك أن لا يضرب لله الأمثال ولأحكامه..."انتهى المقصود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...