عن أبى هريرة-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما تكلم مولود من
الناس في مهد إلا عيسى بن مريم صلى الله عليه [وسلم] وصاحب جريج"
قيل: يا نبي الله! وما صاحب جريج؟
قال: "فإن جريجا كان رجلاً راهباً في صومعة له، وكان راعي بقر يأوي إلى أسفل صومعته، وكانت امرأة من أهل القرية تختلف إلى الراعي، فأتت أمه يوما ، فقالت: يا جريج! وهو يصلى،
رواه البخاري في"الصحيح" وفي "الأدب المفرد" ، ومسلم في "الصحيح" {كتاب البروالصلةوالآداب}في موضعين منه ،وترجم له الامام البخاري-رحمه الله- في "الأدب المفرد ": ( باب دعوة الوالدين) ، وترجم له النووي -رحمه الله - في "شرح مسلم " :(بَاب تَقْدِيمِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ) ، وقال -رحمه الله-:
"وفي حديث جريج هذا فوائد كثيرة : منها عظم بر الوالدين ،
وتأكد حق الأم ، وأن دعاءها مجاب ،
وأنه إذا تعارضت الأمور بدئ بالأهم ،
وأن الله تعالى يجعل لأوليائه مخارج عند ابتلائهم بالشدائد غالبا . قال الله تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) وقد يجري عليهم الشدائد بعض الأوقات زيادة في أحوالهم ، وتهذيبا لهم ، فيكون لطفا .
ومنها استحباب الوضوء للصلاة عند الدعاء بالمهمات ،
ومنها أن الوضوء كان معروفا في شرع من قبلنا ، فقد ثبت في هذا الحديث في كتاب البخاري( فتوضأ وصلى )وقد حكى القاضي عن بعضهم أنه زعم اختصاصه بهذه الأمة .
ومنها إثبات كرامات الأولياء ، وهو مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة ".
وكان قد قال قبله:
" قال العلماء هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها لأنه كان في صلاة نفل ، والاستمرار فيها تطوع لا واجب ، وإجابة الأم وبرها واجب ، وعقوقها حرام ، وكان يمكنه أن يخفف الصلاة ويجيبها ثم يعود لصلاته ، فلعله خشي أنها تدعوه إلى مفارقة صومعته ، والعود إلى الدنيا ومتعلقاتها وحظوظها ، وتضعف عزمه فيما نواه وعاهد عليه ".
__________
(1) أي من الزنى .
قيل: يا نبي الله! وما صاحب جريج؟
قال: "فإن جريجا كان رجلاً راهباً في صومعة له، وكان راعي بقر يأوي إلى أسفل صومعته، وكانت امرأة من أهل القرية تختلف إلى الراعي، فأتت أمه يوما ، فقالت: يا جريج! وهو يصلى،
فقال في نفسه - وهو يصلي - أمي وصلاتي؟ فرأى أن يؤثر
صلاته،
ثم صرخت به الثانية،
فقال في نفسه: أمي وصلاتى؟ فرأى أن يؤثر صلاته.
ثم صرخت
به الثالثة
فقال: أمي وصلاتى. فرأى أن يؤثر صلاته.
فلما لم يجبها قالت: لا أماتك
الله يا جريج! حتى تنظر في وجه المومسات.(وفي رواية مسلم:فَجَاءَتْ أُمُّهُ ، قَالَ حُمَيْدٌ : فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، لِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَيْهِ تَدْعُوهُ ، فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ : أَنَا أُمُّكَ كَلِّمْنِي ، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي ،
فَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ، فَرَجَعَتْ ،
ثُمَّ عَادَتْ فِي الثَّانِيَةِ ، فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ : أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي ،
قَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ،
فَقَالَتْ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ وَهُوَ ابْنِي وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ ، فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي اللَّهُمَّ فَلَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ ،
قَالَ : وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ )، ثم انصرفت (وفي رواية مسلم : فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا ،
فَقَالَتْ : إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ ،
قَالَ : فَتَعَرَّضَتْ لَهُ ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ )، فأُتَيَ الملك بتلك المرأة ولدت
(1). فقال: ممن؟ قالت: من جريج. قال: أصاحب الصومعة؟ قالت: نعم.
قال: اهدموا
صومعته وأتوني به،
فضربوا صومعته بالفئوس، حتى وقعت. فجعلوا يده إلى عنقه بحبل؛ ثم
انطلق به، فمر به على المومسات، فرآهن فتبسم، وهن ينظرن إليه في الناس.
فقال الملك:
ما تزعم هذه؟
قال: ما تزعم؟
قال: تزعم أن ولدها منك.
قال: أنت تزعمين؟ قالت: نعم.
قال: أين هذا الصغير؟
قالوا: هذا في حجرها،
فأقبل عليه.(وفي رواية مسلم: فَقَالَ : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ ، فَصَلَّى فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ ) فقال: من أبوك؟
قال: راعي
البقر.
قال الملك: أنجعل صومعتك من ذهب؟
قال: لا.
قال: من فضة؟
قال: لا.
قال: فما
نجعلها؟
قال: ردوها كما كانت.
قال: فما الذي تبسمت؟
قال: أمراً عرفته، أدركتنى دعوة
أمي، ثم أخبرهم".رواه البخاري في"الصحيح" وفي "الأدب المفرد" ، ومسلم في "الصحيح" {كتاب البروالصلةوالآداب}في موضعين منه ،وترجم له الامام البخاري-رحمه الله- في "الأدب المفرد ": ( باب دعوة الوالدين) ، وترجم له النووي -رحمه الله - في "شرح مسلم " :(بَاب تَقْدِيمِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ) ، وقال -رحمه الله-:
"وفي حديث جريج هذا فوائد كثيرة : منها عظم بر الوالدين ،
وتأكد حق الأم ، وأن دعاءها مجاب ،
وأنه إذا تعارضت الأمور بدئ بالأهم ،
وأن الله تعالى يجعل لأوليائه مخارج عند ابتلائهم بالشدائد غالبا . قال الله تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) وقد يجري عليهم الشدائد بعض الأوقات زيادة في أحوالهم ، وتهذيبا لهم ، فيكون لطفا .
ومنها استحباب الوضوء للصلاة عند الدعاء بالمهمات ،
ومنها أن الوضوء كان معروفا في شرع من قبلنا ، فقد ثبت في هذا الحديث في كتاب البخاري( فتوضأ وصلى )وقد حكى القاضي عن بعضهم أنه زعم اختصاصه بهذه الأمة .
ومنها إثبات كرامات الأولياء ، وهو مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة ".
وكان قد قال قبله:
" قال العلماء هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها لأنه كان في صلاة نفل ، والاستمرار فيها تطوع لا واجب ، وإجابة الأم وبرها واجب ، وعقوقها حرام ، وكان يمكنه أن يخفف الصلاة ويجيبها ثم يعود لصلاته ، فلعله خشي أنها تدعوه إلى مفارقة صومعته ، والعود إلى الدنيا ومتعلقاتها وحظوظها ، وتضعف عزمه فيما نواه وعاهد عليه ".
__________
(1) أي من الزنى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق