الاثنين، 9 أبريل 2012

المال الذي ليس فيه على المرء تبعة ؟!..ووصية صحابي لبنيه...

عن قيس بن عاصم السعدي-رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هذا سيد أهل الوبر".
 فقلت: يا رسول الله! ما المال الذي ليس علي فيه تبعة من طالب، ولا من ضيف؟ 
 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم المال أربعون، والأكثر(1) ستون، وويل لأصحاب المئين، إلا من أعطى الكريمة، ومنح الغزيرة، ونحر السمينة، فأكل، وأطعم القانع والمعتر"(2). 
قلت: يا رسول الله! ما أكرم هذه الأخلاق لا يحل بواد أنا فيه من كثرة نعمي. 
فقال: " كيف تصنع بالعطية؟ "
 قلت: أعطي البكر، وأعطي الناب(3) 
قال: " كيف تصنع في المنيحة"(4) 
قال: إني لأمنح الناقة.
 قال: " كيف تصنع في الطروقة؟"(5) 
 قال: يغدوا الناس بحبالهم، ولا يوزع(6) رجل من جمل يختطمه(7)، فيمسكه ما بدا له، حتى يكون هو يرده، 
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فمالك أحب إليك، أم مال مواليك؟".
 [قال : مالي].
 قال: " فإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت، أو أعطيت فامضيت، وسائره لمواليك".
 فقلت: لا جرم، لئن رجعت لأقلن عددها. 
فلما حضره الموت جمع بنيه، فقال: يا بني! خذوا عني؛ فإنكم لن تأخذوا عن أحدٍ هو أنصح لكم مني: لا تنوحوا عليّ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينح عليه، وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن النياحة،
 وكفنوني في ثيابي التي كنت أصلي فيها،
 وسودوا أكابركم؛ فإنكم إذا سودتم أكابركم لم يزل لأبيكم فيكم خليفة، وإذا سودتم أصاغركم هان أكابركم على الناس، وزهدوا فيكم. 
واصلحوا عيشكم؛ فإن فيه غنىً عن طلب الناس،
 وإياكم والمسألة، فإنها آخر كسب المرء.
 وإذا دفنتموني فسووا على قبري؛ فإنه كان يكون شيء بيني وبين هذا الحي من بكر بن وائل: خماشات(8)، فلا آمن سفيهاً أن يأتي أمراً يدخل عليكم عيباً في دينكم.
__________
(1) الأصل: "والكثرة" والتصحيح من مصادر الحديث الآتي ذكرها؛ "ثقات ابن حبان" وغيره.
(2) "القانع": السائل، و" المعتر" من يأتي للمعروف من غير أن يسأل.
(3) "الناب" : الناقة المسنة.
(4) "المنيحة" : قال في "النهاية": "ومنحة اللبن" : أن يعطيه ناقة أوشاة، ينتفع بلبنها ويعيدها، وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زماناً ثم يردها.
(5) "الطروقة" : الناقة التي بلغت أن يضربها الفحل.
(6) "ولا يوزع" : أي : لا يمنع.
(7) أي : يجعل على انفه خطاماً، و(الخطام) :ما يوضع على أنف الجمل من الزمام؛ ليقاد به.
(8) "خماشات" واحدها خُماشة أي : جراحات وجنايات وهي كل ما كان دون القتل؛ والدية من القطع، أو جدع، أو جرح، أو ضرب، أو نهب، ونحو ذلك من أنواع الأذى، " النهاية".

"صحيح الأدب المفرد"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...