الاثنين، 23 أبريل 2012

البدع أسبابها..وخطورتها...للامام الألباني-رحمه الله-

قال الامام الألباني -رحمه الله-في كتابه النافع (حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر)ص 99-104:
" وقد رأيت أن ألحق بالكتاب من هذه الطبعة ذيلا أسرد فيه بدع الحج وزيارة المدينة المنورة وبيت المقدس ؛لأن كثيرا من الناس لا يعرفونها، فيقعون فيها ؛فأحببت أن أزيدهم نصحا ببيانها والتحذير منها
ذلك لأن العمل لا يقبله الله تبارك وتعالى إلا إذا توفر فيه شرطان اثنان :
الأول : أن يكون خالصا لوجهه عز وجل
والآخر : أن يكون صالحا . 

ولا يكون صالحا ؛إلا إذا كان موافقا للسنة غير مخالف لها ،ومن المقرر عند ذوي التحقيق من أهل العلم :أن كل عبادة مزعومة لم يشرعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ،ولم يتقرب هو بها إلى الله بفعله ؛فهي مخالفة لسنته لأن السنة على قسمين :
سنة فعلية ،

وسنة تركية ،
فما تركه صلى الله عليه وسلم من تلك العبادات؛ فمن السنة تركها، ألا ترى مثلا :
أن الأذان للعيدين، ولدفن الميت مع كونه ذكرا وتعظيما لله عز وجل، لم يجز التقرب به إلى الله عز وجل ،وما ذلك إلا لكونه سنة تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وقد فهم هذا المعنى أصحابه صلى الله عليه وسلم فكثر عنهم التحذير من البدع تحذيرا عاما كما هو مذكور في موضعه حتى قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : ( كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها ) . 
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق )
فهنيئا لمن وفقه الله في عبادته لاتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،ولم يخالطها ببدعة ؛إذا فليبشر بتقبل الله عز وجل لطاعته وإدخاله اياه جنته .
جعلنا الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
واعلم أن البدع التي ستمر بك على نوعين :

 بدع وجدت أنا من نص على بدعيتها من أهل العلم في كتبهم فهذا العلامة عليه عزوها إليهم . وهذا النوع من الأكثر .
 والآخر : بدع لم أجد من نص على بدعيتها ولكن السنة أو القواعد العلمية الأصولية تحكم ببدعتها . فهذا الدليل عليه خلوه من العزو .
ومرجع هذه البدع أمور :

 الأول :أحاديث ضعيفة لا يجوز الاحتجاج بها ولا نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ،ومثل هذا لا يجوز العمل به عندنا على ما بينته في مقدمة ( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ) ،وهو مذهب جماعة من أهل العلم كابن تيمية وغيره .
الثاني : أحاديث موضوعة أو لا أصل لها ،خفي أمرها على بعض الفقهاء خاصة المتأخرين منهم ،لم يدعموها بأي دليل شرعي؛ بل ساقوها مساق الأمور المسلمات، حتى صارت سننا تتبع ؛ولا يخفى على المتبصر في دينه أن ذلك مما لا يسوغ اتباعه ؛إذ لا شرع إلا ما شرعه الله تعالى وحسب المستحسن - إن كان مجتهدا - أن يجوز له هو العمل بما استحسنه، وأن لا يؤاخذه الله به أما أن يتخذ الناس ذلك شريعة وسنة فلا ثم لا .

 فكيف وبعضها مخالف للسنة العملية كما سيأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى .
رابعا : عادات وخرافات لا يدل عليها الشرع، ولا يشهد لها عقل، وإن عمل بها بعض الجهال واتخذوها شرعة لهم، ولم يعمدوا من يؤيدهم ،ولو في بعض ذلك ممن يدعي العلم ويتزيى بزيهم .
ثم ليعلم أن هذه البدع ليست خطورتها في نسبة واحدة؛ بل هي على درجات بعضها شرك وكفر صريح كما سترى ، وبعضها دون ذلك، 

ولكن يجب أن نعلم أن أصغر بدعة يأتي الرجل بها في الدين هي محرمة بعد تبين كونها بدعة ؛
فليس في البدع - كما يتوهم البعض - ما هو رتبة المكروه فقط كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( صحيح ) ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) أي صاحبها . 

وقد حقق هذا أتم تحقيق الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم ( الاعتصام )، ولذلك فأمر البدعة خطير جدا لا يزال أكثر الناس في غفلة عنه ولا يعرف ذلك إلا طائفة من أهل العلم ،وحسبك دليلا على خطورة البدعة قوله صلى الله عليه وسلم :
( صحيح ) ( إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ) رواه الطبراني والضياء المقدسي في ( الأحاديث المختارة ) وغيرهما بسند صحيح وحسنه المنذري .
وأختم هذه الكلمة بنصيحة أقدمها إلى القراء من إمام كبير من علماء المسلمين الأولين هو الشيخ حسن بن علي البربهاري
،من أصحاب أصحاب الإمام أحمد -رحمه الله -المتوفى سنة ( 329 ) قال -رحمه الله تعالى- :
( واحذر صغار المحدثات فإن صغار البدع تعود حتى تصير كبارا ،وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة ؛كان أولها صغيرا يشبه الحق؛ فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع المخرج منها ؛فعظمت وصارت دينا يدان به ؛فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة ؛فلا تعجلن ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر : هل تكلم فيه أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء ؛فإن أصبت فيه أثرا عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار ، واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعا مصدقا مسلما ؛فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفونا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقد كذبهم وكفى بهذا فرقة وطعن عليهم ؛فهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه )(1) 

 رحم الله الإمام مالك حيث قال :
( لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا )
وصلى الله على نبينا القائل :
( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه )
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

_________
(1) طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ( 2 / 18 - 19 )"


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...