الأحد، 22 أبريل 2012

من صور الاعتداء في الدعاء...

قال الامام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه العجاب(بدائع الفوائد) عند كلامه عن قوله عز وجل: { ادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدين}:
" وقوله تعالى: { إنه لا يحب المعتدين } ،
قيل: المراد: أنه لا يحب المعتدين في الدعاء، كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء وغير ذلك.
 وقد روى أبو داود في سننه من حديث حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل، سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: يا بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سمعت رسول الله  يقول: «إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء»، 
وعلى هذا، فالاعتداء في الدعاء :
تارة، بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من الإعانة على المحرمات، وتارة بأن يسأل ما لا يفعله الله مثل: أن يسأله تخليده إلى يوم القيامة،
 أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية من الحاجة إلى الطعام والشراب،
 أو يسأله أن يطلعه على غيبه ،
أو يسأله أن يجعله من المعصومين، 
أو يسأله أن يهب له ولدًا من غير زوجة ولا أمة،
 ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء ؛
فكل سؤال يناقض حكمة الله أو يتضمن مناقضة شرعه وأمره، أو يتضمن خلاف ما أخبر به، فهو اعتداء لا يحبه الله ولا يحب سائله.
 وفسر الاعتداء برفع الصوت أيضا في الدعاء. قال ابن جريج من الاعتداء رفع الصوت في الدعاء والنداء في الدعاء والصياح.
وبعد، فالآية أعم من ذلك كله، 
وإن كان الاعتداء في الدعاء مرادًا بها فهو من جملة المراد.
 والله لا يحب المعتدين في كل شيء دعاء كان أو غيره، كما قال: { ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين
وعلى هذا فيكون قد أمر بدعائه وعبادته ،وأخبر أنه لا يحب أهل العدوان ،وهم الذين يدعون معه غيره،
 فهؤلاء أعظم المعتدين عدوانًا، فإن أعظم العدوان الشرك وهو وضع العبادة في غير موضعها. فهذا العدوان لا بد أن يكون داخلًا في قوله: { إنه لا يحب المعتدين }.
ومن العدوان :أن يدعوه غير متضرع ؛ بل دعاء مدل كالمستغني بما عنده المدل على ربه به، وهذا من أعظم الاعتداء المنافي لدعاء الضارع الذليل الفقير المسكين من كل جهة في مجموع حالاته، فمن لم يسأل مسألة مسكين متضرع خائف فهو معتد.
ومن الاعتداء: أن تعبده بما لم يشرعه، وتثني عليه بما لم يثن به على نفسه ،ولا أذن فيه،
 فإن هذا اعتداء في دعاء الثناء والعبادة، وهو نظير الاعتداء في دعاء المسألة والطلب ،
وعلى هذا فتكون الآية دالة على شيئين:
أحدهما: محبوب للرب تبارك وتعالى مرضي له، وهو الدعاء تضرعًا وخفية.
والثاني: مكروه له مبغوض مسخوط وهو الاعتداء،
 فأمر بما يحبه الله وندب إليه ،وحذر مما يبغضه وزجر عنه بما هو أبلغ طرق الزجر والتحذير، وهو أنه لا يحب فاعله، ومن لم يحبه الله فأي خير يناله ،
وفي قوله: { إنه لا يحب المعتدين } عقب قوله: { ادعوا ربكم تضرعا وخفية } دليل على أن من لم يدعه تضرعًا وخفية ؛فهو من المعتدين الذين لا يحبهم؛
 فقسمت الآية الناس إلى قسمين:
 داع لله تضرعًا وخفية. 
ومعتد بترك ذلك".انتهي

هناك تعليق واحد:

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...