الأربعاء، 4 أبريل 2012

حديث عظيم في فضل مجالس الذكر...(فقه وفوائد)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، قَالَ : فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ،
 قَالَ : فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ: مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ 
قَالُوا : يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ ، وَيُكَبِّرُونَكَ ، وَيَحْمَدُونَكَ ، وَيُمَجِّدُونَكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : هَلْ رَأَوْنِي ؟
 قَالَ : فَيَقُولُونَ : لَا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ ،
 قَالَ : فَيَقُولُ : وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ 
 قَالَ : يَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً ، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا ، وَتَحْمِيدًا ، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا ،
 قَالَ : يَقُولُ : فَمَا يَسْأَلُونِي ؟
 قَالَ : يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ ،
 قَالَ : يَقُولُ : وَهَلْ رَأَوْهَا ؟
  قَالَ : يَقُولُونَ : لَا ، وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ،
 قَالَ : يَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا ؟ 
قَالَ : يَقُولُونَ : لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا ، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا ، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً ، 
 قَالَ : فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ 
 قَالَ : يَقُولُونَ : مِنَ النَّارِ ،
 قَالَ : يَقُولُ : وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ 
قَالَ : يَقُولُونَ : لَا ، وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا ، 
قَالَ : يَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ 
 قَالَ : يَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا ، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً ، قَالَ : فَيَقُولُ : فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ،
 قَالَ : يَقُولُ : مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ : فِيهِمْ فُلَانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، 
 قَالَ : هُمُ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ "
رواه البخاري(كتاب الدعوات) باب فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قال الحافظ ابن حجر-رحمه الله-في "الفتح" عند شرحه:
" قوله: (يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك) زاد إسحاق وعثمان عن جرير " ويمجدونك " وكذا لابن أبي الدنيا وفي رواية أبي معاوية" فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك " وفي رواية الإسماعيلي " قالوا ربنا مررنا بهم وهم يذكرونك إلخ " وفي رواية سهيل" جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك "وفي حديث أنس عند البزار "ويعظمون آلاءك ويتلون كتابك ويصلون على نبيك ويسألونك لآخرتهم ودنياهم" ويؤخذ من مجموع هذه الطرق المراد بمجالس الذكر وأنها التي تشتمل على ذكر الله بأنواع الذكر الواردة من تسبيح وتكبير وغيرهما وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى وعلى الدعاء بخيري الدنيا والآخرة وفي دخول قراءة الحديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي ومذاكرته والاجتماع على صلاة النافلة في هذه المجالس نظر والأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح والتكبير ونحوهما والتلاوة حسب وإن كانت قراءة الحديث ومدارسة العلم والمناظرة فيه من جملة ما يدخل تحت مسمى ذكر الله - تعالى.
قوله: (لا يشقى جليسهم )كذا لأبي ذر ، ولغيره " لا يشقى بهم جليسهم " وللترمذي " لا يشقى لهم جليس " وهذه الجملة مستأنفة لبيان المقتضي لكونهم أهل الكمال .. وفي هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين فلو قيل لسعد بهم جليسهم لكان ذلك في غاية الفضل لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في حصول المقصود ,
وفي الحديث: فضل مجالس الذكر والذاكرين وفضل الاجتماع على ذلك وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله - تعالى - به عليهم إكراما لهم ولو لم يشاركهم في أصل الذكر.
وفيه: محبة الملائكة بني آدم واعتناؤهم بهم ، 
وفيه :أن السؤال قد يصدر من السائل وهو أعلم بالمسئول عنه من المسئول لإظهار العناية بالمسئول عنه والتنويه بقدره والإعلان بشرف منزلته وقيل إن في خصوص سؤال الله الملائكة عن أهل الذكر الإشارة إلى قولهم {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } فكأنه قيل لهم :انظروا إلى ما حصل منهم من التسبيح والتقديس مع ما سلط عليهم من الشهوات ووساوس الشيطان وكيف عالجوا ذلك وضاهوكم في التسبيح والتقديس .
وقيل: إنه يؤخذ من هذا الحديث :أن الذكر الحاصل من بني آدم أعلى وأشرف من الذكر الحاصل من الملائكة لحصول ذكر الآدميين مع كثرة الشواغل ووجود الصوارف وصدوره في عالم الغيب بخلاف الملائكة في ذلك كله،
 وفيه: بيان كذب من ادعى من الزنادقة أنه يرى الله - تعالى - جهرا في دار الدنيا ، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة رفعه( واعلموا أنكم لم تروا ربكم حتى تموتوا ). 
وفيه :جواز القسم في الأمر المحقق تأكيدا له وتنويها به .
 وفيه :أن الذي اشتملت عليه الجنة من أنواع الخيرات والنار من أنواع المكروهات فوق ما وصفتا به وأن الرغبة والطلب من الله والمبالغة في ذلك من أسباب الحصول "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...