السبت، 18 يناير 2014

من روائع المقالات: فيما جاء في ذم التفرق ...، وما يجب على أهل العلم في هذا العصر...خاتمة نفيسة



ختم العلامة المعلمى –رحمه الله- كتابه <التنكيل..>(2/379-385)بخاتمة نفيسة ، حوت توجيهات قيمة سديدة ، ونصائح عزيزة فريدة لأهل العلم في عصره ، ما أشد الحاجة إليها اليوم :
ولقد اشتملت على:
*بيان الصراط المستقيم ، وأنه بيَن محفوظ....
*واجب أهل العلم :البدء بالنفس ،ثم التعاون مع غيره منهم ،وتلخيص العمل في ثلاثة مطالب:
العقائد، البدع العملية ،الفقهيات....
*مثال جميل لمن يرتكب البدع مع الاختلاف في مشروعيتها....
*الاختلاف في الفقهيات قريب إذا كان سببه غير الهوى، وتقديم أقوال الأشياخ على حجج الله ، وواجب العلماء تجاه ذلك...
*وجوب إتباع الدليل ، وتحريم التقليد المخالف له ، وأنه لا حاجة في هذا الى اجتماع شروط الاجتهاد ، وانه ليس  من التلفيق في شيء ، والفرق بين الإتباع والتلفيق ،وما يخشى على الجامد على أقوال  آبائه وأشياخه....
قال رحمه الله-:" قال الله تبارك وتعالى: }شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ. وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ{ . الشورى - 13 - 14.
وقال عز وجل:
}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا{ إلى أن قال: }وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{ . آل عمران:-100 - 105.
وقال تعالى:
}وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ{ . الأنعام: 153.
وقال سبحانه: }إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء{ الأنعام: 159 .
وقال تعالى:
}فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ{ الروم:- 30 - 32.
وقال سبحانه:
}وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{ هو د:118 - 119.
إن قيل: التفرق والاختلاف يصدق بما إذا ثبت بعضهم على الحق، وخرج بعضهم عنه، والآيات تقتضي ذم الفريقين.
قلت: كلاَّ، فإن الآيات نفسها تحض على إقامة الدين، والثبات عليه، والإعتصام به، وإتباع الصراط، بل هذا هو المقصود منها؛ فالثابت على الصراط لم يحدث شيئاً، ولم يقع بفعله تفرق ،ولا اختلاف، وإنما يحدث ذلك بخروج من يخرج من الصراط، وهو منهي عن ذلك، فعليه التبعة.
فإن قيل: المكلف مأمور بالاستقامة على الصراط، ولا يمكنه الاستقامة عليه حتى يعرفه، وإنما يعرفه بالبحث والنظر والتدبر، وحجج الحق كما سلف في المقدمة غير مكشوفة فالباحث معرض للخطأ، بل من تدبر الحجج علم أنه يستحيل في العادة أن لا يختلف الناظرون فيها
؛ فما الجامع بين الأمر بإتباع الحجج وهو يؤدي إلى الاختلاف، وبين الزجر عن الاختلاف، وقد قال الله تبارك وتعالى: }لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا{ وقال سبحانه: }فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ{ .
أقول: وأسأل الله تبارك وتعالى التوفيق: قولي: إن حجج الحق غير مكشوفة،إنما معناه كما سلف إنها بحيث يحتاج في إدراكها إلى عناء ومشقة، ويمكن من له هوى في خلافها أن يغالط نفسه ،وغيره بحيث يتيسر له زعم أنه إن لم يكن هو المحق فهو معذور، وإتباع الحجج لا يؤدي إلى اختلاف، وإنما يؤدي إليه إتباع الشبهات، وإنما الشأن في أمرين:
الأول: تمييز الحجج من الشبهات.
الثاني: معرفة الاختلاف المنهي عنه.
 وجماع هذا في أمر واحد هو معرفة الصراط المستقيم، وقد بينه الله تعالى بقوله: }صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ{ .
 وقد علمنا أن المنعم عليهم قطعاً من هذه الأمة هم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وقد قال الله عز وجل: }قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي{ . يوسف: 108.
 وقال تعالى: }وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً{ النساء: 115.
 فالصراط المستقيم هو ما كان عليه محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وقد تقدم بيان جوامعه في الباب الأول، وأول الباب الرابع. فما اتضح من المأخذين السلفيين بحسب النظر الذي كان متيسراً للصحابة وخيار التابعين، فهو من الصراط المستقيم، وما خفي أو تردد فيه النظر؛ فالصراط المستقيم هو السكوت عنه، قال الله تعالى لرسوله: }وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ{ . الإسراء: 36.
وقال تعالى:
}قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ{ ص ّ: 86.
وفي (الصحيحين) من حديث جندب بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «
اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه» .
 فإن كان من الأحكام العملية والقضية  واقعة ؛ ساغ الاجتهاد فيه ، على الطريق التي كان يجري عليها في أمثال ذلك ، الصحابة وأئمة التابعين.
فمن لزم هذه السبيل ؛ فهو الثابت على سبيل الحق والصراط المستقيم، ومن لزم ذلك في المقاصد، وخاض في النظر المتعمق فيه، لتأييد الحق وكشف الشبهات، وقد تحققت الحاجة إلى ذلك؛ فلا يقضى عليه بالخروج على الصراط، ما لم يتبين خروجه عنه في المقاصد ؛ فتلحقه تبعة ذلك بحسب مقدار خروجه.
هذا والاختلاف المنهي عنه من لازمه كما بينته الآيات: التحزب وأن يكونوا شيعاً، وسبيل الحق بينة، والدين محفوظ قد تكفل الله تعالى بحفظه، وبأن لا تزال طائفة من الأمة قائمة عليه ؛ فإن أخطأ عالم  لم  يلبث أن يجد من ينبهه على خطأه، فإن لم يتفق له ذلك، فالذي يوافقه أو يتابعه لا بد أن يجد من ينبهه ؛ فلا يمكن أن يستولي الخطأ على فرقة من الناس، يثبتون عليه ويتوارثونه إلا بإتباعهم الهوى، ولهذا نجد علماء كل مذهب يرمون علماء المذاهب الأخرى بالتعصب وإتباع الهوى، وأكثرهم صادقون بالجملة، ولكن الرامي يغفل عن نفسه، وكما جاء في الأثر:«يرى القذاة في عين أخيه. وينسى الجذع في عينه»(1) .
وعلى كل حال ؛ فإن الأمة قد اتبعت سنن من قبلها، كما تواترت بذلك الأخبار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن ذلك
بل من أعظمه بل أعظمه أنها فرقت دينها وكانت شيعاً، وقد تواترت الأخبار أيضاً بأنه:« لا تزال طائفة قائمة على الحق»؛ فعلى أهل العلم أن يبدأ كل منهم بنفسه ؛ فيسعى في تثبيتها على الصراط، وإفرادها عن إتباع الهوى، ثم يبحث عن إخوانه، ويتعاون معهم على الرجوع بالمسلمين إلى سبيل الله، ونبذ الأهواء التي فرقوا لأجلها دينهم وكانوا شيعاً.
ويتلخص العمل في ثلاثة مطالب:
الأول: العقائد، وقد علمت أن هناك معدناً لحجج الحق ،وهو المأخذان السلفيان] الفطرة والشرع [،
ومعدناً للشبه، وهو المأخذان الخلفيان ]النظرالعقلي المتعمق فيه، والكشف التصوفي  [ ، فطريق الحق في ذلك وضح.
المطلب الثاني: البدع العملية، والأمر في هذا قريب لولا غلبة الهوى؛
 فإن عامة تلك البدع لا يقول أحد من أهل العلم والمعرفة: أنها من أركان الإسلام ، ولا من واجباته ، ولا من مندوباته، بل غالبهم يجزمون بأنها بدع وضلالات،
 وصرح قوم منهم: بأن منها ما هو شرك ،وعبادة لغير الله عز وجل، وقد شرحت ذلك في كتاب (العبادة) ، وبحسبك هنا أن تستحضر أن من يزعم من المنتسبين إلى العلم أنه لا يرى ببعضها بأساً، أو زاد على ذلك أنه يرجى منها النفع؛ فإنه مع مخالفته لمن هو أعلم منه يعترف بأن في الأعمال المشروعة اتفاقاً ما هو أعظم أجراً وأكبر فضلاً بدرجات لا تحصى، وقد قال الله تعالى: }فاتقوا الله ما استطعتم{ ، وفي (الصحيحين) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «الحلال بين، والحرام بين، وبينهمامشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد إستبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه» وفي حديث آخر «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» . وفي حديث آخر: «أنه لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى ما لا بأس به حذراً لما به بأس» .
والنظر الواضح يكشف هذا، فإنك لو كنت مريضاً فاتفق الأطباء على أشياء أنها نافعة لك، واختلفوا في شيء،
 فقال بعضهم: أنه سم قاتل،
وقال بعضهم: لا نراه سماً ولكنه ضار،
وقال بعضهم: لا يتبين لنا أنه ضار،
 وقال بعض هؤلاء: بل لعله لا يخلو من نفع. أفلا يقضي عليك العقل إن كنت عاقلاً بأن تجتنب ذاك الشيء؟
أوليس من يأمرك ويلح عليك أن تصرف وقتك في تناول ذاك الشيء تاركاً ما اتفقوا على نفعه بحقيق أن تعده ألد أعدائك؟
 وتدبر في نفسك أيصح من عاقل محب الإيمان خائف من الشرك ، أن يستحضر هذا المعنى ثم يصر على تلك البدع ، التي يخاف أن تكون شركاً؟ !
أوليس من يصر إنما يشهد على نفسه أنه لا يبالي إذا وافق هواه أن يكون شركاً؟!
المطلب الثالث: الفقهيات، والاختلاف فيها إذا كان سببه غير الهوى أمره قريب؛ لأنه كما مرت الإشارة إليه لا يؤدي إلى أن يصير المسلمون فرقاً متنازعة وشيعاً متنابذة، ولا إلى إيثار الهوى على الهوى، وتقديم أقوال الأشياخ على حجج الله عز وجل، والالتجاء إلى تحريف معاني النصوص،
 وإذا كان المسلمون قد وقعوا في ذلك ؛ فإنما أوقعهم الهوى، فلا مخلص لهم منه ، إلا أن يستيقظ أهل العلم لأنفسهم فيناقشوها الحساب، ويكبحونها عن الغي ، ويتناسوا ما استقر في أذهانهم من اختلاف المذاهب، وليحسبوها مذهباً واحد اختلف علماؤه، وإن على العالم في زماننا النظر في تلك الأقوال وحججها وبيناتها، واختيار الأرجح منها، وقد نص جماعة من علماء المذاهب: أن العالم المقلد إذا ظهر له رجحان الدليل المخالف لإمامه ، لم يجز له تقليد إمامه في تلك القضية، بل يأخذ بالحق لأنه إنما رخص له بالتقليد، عند ظن الرجحان، إذ الفرض على كل أحد طاعة الله وطاعة رسوله، ولا حاجة في هذا إلى اجتماع شروط الاجتهاد؛ فإنه لا يتحقق رجحان خلاف قول إمامك إلا في حكم مختلف فيه، فيترجح عندك قول مجتهد آخر، وحينئذ تأخذ بقول هذا الآخر متبعاً الدليل الراجح من جهة، ومقلداً في تلك القضية لذاك المجتهد الآخر من جهة، والفقهاء يجيزون تقليد المقلد غير إمامه في بعض الفروع لمجرد احتياجه؛ فكيف لا يجوز بل يجب أن يقلده فيما ظهر أن قوله أولى بأن يكون هو الحق في دين الله؟
 وقضية التلفيق إنما شددوا فيها إذا كانت لمجرد التشهي وتتبع الرخص، فأما إذا اتفقت لمن يتحرى الحق ، وإن خالف هواه فأمرها هين،
 فقد كان العامة في عهد السلف تعرض لأحدهم المسألة في الوضوء ؛ فيسأل عنها عالماً فيفتيه فيأخذ بفتواه، ثم تعرض له مسألة أخرى في الوضوء أيضاً ، أو الصلاة فيسأل عالماً آخر فيفتيه فيأخذ بفتواه، وهكذا،
 ومن تدبر علم أن هذا تعرض للتلفيق، ومع ذلك لم ينكره أحد من السلف؛  فذاك إجماع منهم على أن مثل ذلك لا محذور فيه، إذ كان غير مقصود، ولم ينشأ عن التشهي وتتبع الرخص.
فالعالم الذي يستطيع أن يروض نفسه على هذا هو الذي يستحق أن يهديه الله عز وجل، ويسوغ له أن يثق بما تبين له، ويسوغ للعامة أن يثقوا بفتواه،
نعم قد غلب إتباع الهوى ، وضعف الإيمان في هذا الزمان، فإذا احتيط لذلك بأن يرتب جماعة من أعيان العلماء للنظر في القضايا والفتاوى؛ فينظروا فيها مجتمعين! ثم يفتوا بما يتفقون عليه أو أكثرهم لكن في هذا خير كثير وصلاح كبير إن شاء الله تعالى.
فتلخص مما تقدم أن من اعتمد في العقائد المأخذين السلفيين ووقف معها،
 واتقى البدع،
وجرى في اختلاف الفقهاء على أنها مذهب واحد اختلف علماؤه فتحرى الأرجح، وكان مع ذلك محافظاً على لفرائض، مجتنباً للكبائر،
 فإن عثر استقال ربه وتاب وأناب،
 فهو من الطائفة التي أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أنها لا تزال قائمة على الحق؛ فليتعرف إخوانه، وليتعاضد معهم على الدعوة إلى الحق، والرجوع بالمسلمين إلى سواء الصراط.
 فأما من أبى إلا الجمود على أقوال آبائه وأشياخه والانتصار لها، فيوشك أن يدخل في قول الله تبارك وتعالى: }اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّه{ . التوبة: 31، وقوله تعالى: }أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ{ . الجاثية: 23.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، }رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{ .
__________
(1) الذي يؤثر عن المسيح عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ومعناه في القرآن
}أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون{ ، وقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُون َكَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ{ . محمد عبدالرزاق حمزة
قلت(الألباني): بل هو حديث مرفوع صحيح الإسناد، أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (1848 - موارد) وغيره، وهو مخرج في «سلسلة الأحاديث الصحيحة» رقم (33) ، ولا أدري كيف خفي ذلك على الشيخين، ولا سيما فضيلة الشيخ محمد عبد الرزاق فإنه هو الذي قام على نشر كتاب «موارد الضمآن إلى زوائد أبن حبان» ، وعلى تحقيقه أيضاً، فلعله لم يتذكر الحديث عند كتابته لهذا التعليق وقد ختمه بقوله: «وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبيه محمد، وآله وصحبه، وسائر الأنبياء والمرسلين،فرغت من قراءته صباح يوم الثلاثاء 23 ذي الحجة سنة 1370 كتبه محمد عبد الرزاق حمزة» .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...