قال الامام ابن القيم-رحمه الله- في "الاغاثة"(2/122-123:
" فصل
والفتنة نوعان:
فتنة الشبهات وهي أعظم الفتنتين،
وفتنة الشهوات ،
وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما ؛
فتنة الشبهات وهي أعظم الفتنتين،
وفتنة الشهوات ،
وقد يجتمعان للعبد وقد ينفرد بإحداهما ؛
ففتنة الشبهات : من ضعف البصيرة وقلة العلم ، ولا سيما إذا اقترن بذلك فساد القصد وحصول الهوى ؛
فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى؛ فقل ما شئت في ضلال سيء القصد الحاكم عليه الهوى لا الهدى، مع ضعف بصيرته ، وقلة علمه بما بعث الله به رسوله ؛ فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}،
وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله فقال:
{يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}.
فهنالك الفتنة العظمى والمصيبة الكبرى؛ فقل ما شئت في ضلال سيء القصد الحاكم عليه الهوى لا الهدى، مع ضعف بصيرته ، وقلة علمه بما بعث الله به رسوله ؛ فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: {إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس}،
وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله فقال:
{يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب}.
وهذه الفتنة مآلها إلى الكفر والنفاق، وهي فتنة المنافقين ،
وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم ؛
فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات، التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل والهدى بالضلال.
وفتنة أهل البدع على حسب مراتب بدعهم ؛
فجميعهم إنما ابتدعوا من فتنة الشبهات، التي اشتبه عليهم فيها الحق بالباطل والهدى بالضلال.
ولا ينجى من هذه الفتنة إلا تجريد اتباع الرسول،
وتحكيمه في دق الدين وجله،
ظاهره وباطنه ،
عقائده ،وأعماله،
حقائقه وشرائعه ؛
فيتلقى عنه حقائق الإيمان، وشرائع الإسلام ،
وما يثبته لله من الصفات ،والأفعال والأسماء ،
وما ينفيه عنه ،
كما يتلقى عنه وجوب الصلوات ،وأوقاتها ،وأعدادها ،
ومقادير نصب الزكاة ومستحقيها ،
ووجوب الوضوء والغسل من الجنابة ،
وصوم رمضان؛
فلا يجعله رسولا في شيء دون شيء من أمور الدين ؛
بل هو رسول في كل شيء تحتاج إليه الأمة في العلم والعمل،
لا يتلقى إلا عنه ،ولا يؤخد إلا منه؛
فالهدى كله دائر على أقواله وأفعاله ،
وكل ما خرج عنها ؛ فهو ضلال ؛
فإذا عقد قلبه على ذلك ، وأعرض عما سواه ،ووزنه بما جاء به الرسول؛
فإن وافقه قبله ،
لا لكون ذلك القائل قاله بل؛ لموافقته للرسالة ،
وإن خالفه رده ولو قاله من قاله ؛
فهذا الذي ينجيه من فتنة الشبهات ،
وإن فاته ذلك أصابه من فتنتها بحسب ما فاته منه.
وتحكيمه في دق الدين وجله،
ظاهره وباطنه ،
عقائده ،وأعماله،
حقائقه وشرائعه ؛
فيتلقى عنه حقائق الإيمان، وشرائع الإسلام ،
وما يثبته لله من الصفات ،والأفعال والأسماء ،
وما ينفيه عنه ،
كما يتلقى عنه وجوب الصلوات ،وأوقاتها ،وأعدادها ،
ومقادير نصب الزكاة ومستحقيها ،
ووجوب الوضوء والغسل من الجنابة ،
وصوم رمضان؛
فلا يجعله رسولا في شيء دون شيء من أمور الدين ؛
بل هو رسول في كل شيء تحتاج إليه الأمة في العلم والعمل،
لا يتلقى إلا عنه ،ولا يؤخد إلا منه؛
فالهدى كله دائر على أقواله وأفعاله ،
وكل ما خرج عنها ؛ فهو ضلال ؛
فإذا عقد قلبه على ذلك ، وأعرض عما سواه ،ووزنه بما جاء به الرسول؛
فإن وافقه قبله ،
لا لكون ذلك القائل قاله بل؛ لموافقته للرسالة ،
وإن خالفه رده ولو قاله من قاله ؛
فهذا الذي ينجيه من فتنة الشبهات ،
وإن فاته ذلك أصابه من فتنتها بحسب ما فاته منه.
وهذه الفتنة تنشأ :
تارة من فهم فاسد ،
وتارة من نقل كاذب ،
وتارة من حق ثابت خفى على الرجل ؛ فلم يظفر به ،
وتارة من غرض فاسد، وهوى متبع؛
فهي من عمى في البصيرة ،
وفساد في الإرادة ".
تارة من فهم فاسد ،
وتارة من نقل كاذب ،
وتارة من حق ثابت خفى على الرجل ؛ فلم يظفر به ،
وتارة من غرض فاسد، وهوى متبع؛
فهي من عمى في البصيرة ،
وفساد في الإرادة ".
وقال:(2/123-124):
" ولهذا كان السلف يقولون: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه.
وكانوا يقولون: احذروا فتنة العالم الفاجر ، والعابد الجاهل ؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون.
وأصل كل فتنة : إنما هو من تقديم الرأي على الشرع ،
والهوى على العقل ؛
والهوى على العقل ؛
فالأول: أصل فتنة الشبهة ،
والثاني: أصل فتنة الشهوة ؛
والثاني: أصل فتنة الشهوة ؛
ففتنة الشبهات تدفع باليقين ،
وفتنة الشهوات تدفع بالصبر ،
ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين؛
فقال: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}.
وفتنة الشهوات تدفع بالصبر ،
ولذلك جعل سبحانه إمامة الدين منوطة بهذين الأمرين؛
فقال: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون}.
فدل على أنه بالصبر واليقين؛ تنال الإمامة في الدين.
وجمع بينهما أيضا في قوله: {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}؛
فتواصوا بالحق الذي يدفع الشبهات،
وبالصبر الذي يكف عن الشهوات؛
وجمع بينهما في قوله: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولى الأيدي والأبصار}؛
فالأيدي: القوى والعزائم في ذات الله ،
والأبصار: البصائر في أمر الله، وعبارات السلف تدور على ذلك:
فتواصوا بالحق الذي يدفع الشبهات،
وبالصبر الذي يكف عن الشهوات؛
وجمع بينهما في قوله: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولى الأيدي والأبصار}؛
فالأيدي: القوى والعزائم في ذات الله ،
والأبصار: البصائر في أمر الله، وعبارات السلف تدور على ذلك:
قال ابن عباس: أولى القوة في طاعة الله والمعرفة بالله.
وقال الكلبي: أولى القوة في العبادة والبصر فيها.
وقال مجاهد: الأيدي: القوة في طاعة الله، والأبصار: البصر في الحق.
وقال سعيد بن جبير: الأيدي: القوة في العمل، والأبصار: بصرهم بما هم فيه من دينهم
وقال جاء في حديث مرسل: إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات.
فبكمال العقل والصبر تدفع فتنة الشهوة ،
وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة والله المستعان"انتهى
وبكمال البصيرة واليقين تدفع فتنة الشبهة والله المستعان"انتهى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق