الثلاثاء، 26 فبراير 2013

من درر الفوائد السعدية:من آداب الاسلام في الكلام ونشره (ضوابط ومحاذير)

قال العلامة السعدي-رحمه الله-عند تفسير قوله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104)}سورة البقرة:

"كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: { رَاعِنَا } أي: راع أحوالنا, فيقصدون بها معنى صحيحا، وكان اليهود يريدون بها معنى فاسدا, فانتهزوا الفرصة, فصاروا يخاطبون الرسول بذلك, ويقصدون المعنى الفاسد،
 فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة, سدا لهذا الباب،
 ففيه النهي عن الجائز, إذا كان وسيلة إلى محرم،
 وفيه الأدب, واستعمال الألفاظ, التي لا تحتمل إلا الحسن, وعدم الفحش,
 وترك الألفاظ القبيحة, أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق،
 فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن، فقال: { وَقُولُوا انْظُرْنَا } فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور، { وَاسْمَعُوا } لم يذكر المسموع, ليعم ما أمر باستماعه، فيدخل فيه سماع القرآن,
 وسماع السنة التي هي الحكمة,
 لفظا ومعنى واستجابة، 
ففيه الأدب والطاعة"انتهى.

وقال-رحمه الله- عند تفسير قوله تعالى:{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا (83)} سورة النساء:

" هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق
وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم:
 أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها.
 فإن رأوا في إذاعته مصلحة ،ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم ،وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. 
وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة  أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه،
 ولهذا قال: { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة.

وفي هذا دليل لقاعدة أدبية : وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. 
وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها،
 والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه،
 هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ 
أم لا فيحجم عنه ؟

ثم قال تعالى: { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } أي: في توفيقكم وتأديبكم، وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون، { لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا } لأن الإنسان بطبعه ظالم جاهل، فلا تأمره نفسه إلا بالشر. فإذا لجأ إلى ربه واعتصم به واجتهد في ذلك، لطف به ربه ووفقه لكل خير، وعصمه من الشيطان الرجيم"انتهى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 #إحذر الظلم ! وتحلل ممن ظلمته اليوم ! فالأمر شديد ! أخرج الإمام أحمد في( مسنده)رقم ١٤٣٤ : بسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنِ...